عَلَى وَلَدِهِ لَمْ يَقْتَصَّ مِنَ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَالِدِهِ فَهَلْ لِوَالِدِهِ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا قِصَاصَ لَهُ، لِأَنَّهُ عَبْدُهُ، وَالْمَوْلَى لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعَبْدِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُ أَبِيهِ جَرَى مِنْهُ فِي الْجِنَايَةِ مَجْرَى الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ، فلذلك جرى القصاص بينهما.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ رَقِيقَهُ وَلَا يَحُدُّهُمْ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ لِغَيْرٍ حُرٍّ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ تَأْدِيبَهُمُ اسْتِصْلَاحُ مِلْكٍ، وَحَدُّهُمْ وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ تَأْدِيبُهُمْ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ حَدُّهُمْ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَحُدَّهُمْ، وَلَا يُؤَدِّبَهُمْ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمْ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا حَدُّ الْمُكَاتَبِ وَلَا تَأْدِيبُهُ لِارْتِفَاعِ يَدِهِ عَنْهُ بِالْكِتَابَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute