للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَصْنَافٍ: النِّسَاءُ، وَالْعَبِيدُ، وَالْمُسَافِرُونَ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَثْنَاهُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ، فِي أَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ إِذَا حَضَرُوهَا خِلَافَ الْمَرِيضِ؛ لِبَقَاءِ أَعْذَارِهِمْ وَإِنْ حَضَرُوهَا، وَهُوَ الْأُنُوثَةُ وَالرِّقُّ، والسفر، وزوال عذر المريض إذا حضر

[(مسألة)]

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَتَجِبُ الْجُمْعَةُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهُ حَتَى لَا يَسْمَعَ أَكْثَرُهُمُ النِّدَاءَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ الْجَامِعِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْمِصْرِ إِذَا سمع النداء وكان المنادي صيتاً وكان ليس بأصم مستمعاً والأصوات هادئة والريح ساكنة ولو قلنا حتى يسمع جميعهم ما كان على الأصم جمعة ولكن إذا كان لهم السبيل إلى علم النداء بمن يسمعه منهم فعليهم الجمعة لقول الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة} الآية " قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ

أَمَّا أَهْلُ الْبَلَدِ فَعَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ وَلَا اعْتِبَارَ بِسَمَاعِهِمُ النِّدَاءَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنَ الْبَلَدِ مَوْضِعٌ لِلنِّدَاءِ، وَمَحَلٌّ لِإِقَامَةِ الْجُمْعَةِ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهَا اخْتِصَاصٌ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ؛ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ سَقَطَ اعْتِبَارُ النِّدَاءِ، وَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِهِمْ حُضُورُ الْجُمْعَةِ وَإِنْ كَثُرُوا

وَأَمَّا مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَعَلَى ثلاثة أضرب: [الأول] ضرب تلزمهم الجمعة بأنفسهم فحسب، [الثاني] وضرب لا تلزمهم بأنفسهم وتلزمهم بغيرهم. [الثالث] وَضَرْبٌ لَا تَلْزَمُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا بِغَيْرِهِمْ

فَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ: فَهُمْ أَهْلُ قَرْيَةٍ مُسْتَوْطِنُونَ، فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا أَحْرَارًا بَالِغِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمْعَةُ، فَهَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ إِقَامَتُهَا، وَسَوَاءٌ قَرُبُوا مِنَ الْمِصْرِ أَوْ بَعُدُوا سَمِعُوا النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا؛ لِأَنَّ شَرَائِطَ الْجُمْعَةِ قَدْ كَمُلَتْ فِيهِمْ، فَإِنْ تَرَكُوا إِقَامَتَهَا فِي مَوْضِعِهِمْ، وَقَصَدُوا البلد فصلوا الجمعة مع أهله فقد أساؤوا بِتَرْكِ إِقَامَتِهَا فِي مَوْضِعِهِمْ وَأَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَتَوْا بِالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ

وَأَمَّا الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُمُ الْجُمْعَةُ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا بِغَيْرِهِمْ: فَهُوَ أَنْ يَكُونُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَبْلُغُهُمْ سَمَاعُ النِّدَاءِ، فَلَا تَلْزَمُهُمْ إِقَامَتُهَا بِأَنْفُسِهِمْ لِنُقْصِهِمْ عَنِ الْأَرْبَعِينَ، وَلَا بِغَيْرِهِمْ، لِأَنَّ نِدَاءَ الْجُمْعَةِ لَا يَبْلُغُهُمْ

وَأَمَّا الَّذِينَ لَا تلزمهم إقامتها بِأَنْفُسِهِمْ وَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِهِمْ: فَهُوَ أَنْ يَكُونُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، عَلَى مَسَافَةٍ يَسْمَعُونَ نِدَاءَ الْجُمْعَةِ مِنَ الْمِصْرِ، فَهَؤُلَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ، وَيَلْزَمُهُمْ إِتْيَانُهَا فِي الْمِصْرِ، وَاعْتِبَارُ سَمَاعِ النِّدَاءِ بِأَنْ تَكُونَ الرِّيحُ سَاكِنَةً، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةً، وَيَقِفَ الْمُؤَذِّنُ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى سُورَةٍ مِنْ جانبه، ويكون صيتاً ولا يكون المستمع أصماً، فإذا سمعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>