للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَكُونُ السُّنَّةُ فِي تَرْكِهِ لِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ سَوَاءً، وَأَخْذُهُ لَهُمَا مَعًا مَكْرُوهًا، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الطِّيبُ وَاللِّبَاسُ، اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَوَّلِ زَمَانِ الْكَرَاهَةِ لِأَخْذِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ بَعْدَ اسْتِهْلَالِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يُضَحِّيَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْ شِعْرِهِ وَبَشَرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا أَوْ يُعَيِّنَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَوَاشِيهِ، فَيُكْرَهُ لَهُ بِالشِّرَاءِ وَالتَّعْيِينِ.

أَخْذُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ وَلَا يُكْرَهُ بِالْعَزْمِ وَالنِّيَّةِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قال الشافعي: " فَإِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ فَقَدْ وَقَعَ ثَمَّ اسْمُ أضحيةٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُقَالُ ضحيةٌ وَأُضْحِيَّةٌ وأضحاةٌ وَالضَّحَايَا، جَمْعُ ضَحِيَّةٍ، وَالْأَضَاحِيُّ: جَمْعُ أُضْحِيَّةٍ، وَالْأَضْحي جَمْعُ أضحاةٌ، وَقَصَدَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا بَيَانَ مَا بَيْنَ الْأَضَاحِيِّ وَالْهَدَايَا مِنْ جَمْعٍ وَفَرْقٍ فَيَجْتَمِعَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ.

فَأَمَّا الْوَجْهَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: فَهُوَ أَنَّهُمَا مَعًا مَسْنُونَتَانِ غَيْرُ وَاجِبَتَيْنِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ وَيُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ وَأَمَّا الْوَجْهَانِ فِي الْفَرْقِ: فَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ الْهَدَايَا فِي الْحَرَمِ، وَمَوْضِعَ الضَّحَايَا فِي مَوْضِعِ الْمُضَحِّي.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إِخْرَاجِ لُحُومِ الْهَدَايَا مِنَ الْحَرَمِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ ادِّخَارُهُ فِيهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إِخْرَاجِ لُحُومِ الضَّحَايَا عَنْ بَلَدِ الْمُضَحِّي.

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا جَازَ لِلْمُضَحِّي أن يضحي في بيته تكتب في الوسط غير بيته سراً وجهراً، وَإِذَا ضَحَّى بِشَاةٍ أَقَامَ بِهَا السُّنَّةَ، وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهُ، وَلَا يُؤْمَرُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي أَكْلِ الْأُضْحِيَّةِ فَعَمَّتْ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ حق فخصت. ما يجزئ في الأضحية من السن وخلاف العلماء في ذلك

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " (قال) وَيَجُوزُ فِي الضَّحَايَا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ ولَا يَجُوزُ دُونَ هَذَا مِنَ السِّنِّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الضَّحَايَا فَلَا تَجُوزُ إِلَّا مِنَ النَّعَمِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ) {المائدة: ١) .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا اخْتَصَّتْ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ اخْتَصَّتِ الْأُضْحِيَّةُ، لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالنَّعَمُ هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمُ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>