للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وِمَنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) {الأنعام: ٤٣) . يَعْنِي ذَكَرًا وَأُنْثَى فَاخْتَصَّ هَذِهِ الْأَزْوَاجَ الثَّمَانِيَةَ مِنَ النَّعَمِ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا.

وَالثَّانِي: اخْتِصَاصُ الْأَضَاحِيِّ بِهَا.

وَالثَّالِثُ: إِبَاحَتُهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ وَفِي تَسْمِيَتِهَا نعماً وجهان:

أحدهما: لنعومة وطأها إِذَا مَشَتْ حَتَّى لَا يُسْمَعَ لِأَقْدَامِهَا وَقْعٌ.

وَالثَّانِي: لِعُمُومِ النِّعْمَةِ فِيهَا فِي كَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِأَلْبَانِهَا وَنِتَاجِهَا.

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الضَّحَايَا بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دُونَ مَا عَدَاهَا مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ فَأَسْنَانُ مَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا مِنْهَا مُعْتَبَرَةٌ وَلَا يُجْزِئُ دُونَهَا، وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَ الْجِذَاعِ مِنْ جَمِيعِهَا وَلَا يَلْزَمُ مَا فَوْقَ الثَّنَايَا مِنْ جَمِيعِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجِذَاعِ وَالثَّنَايَا عَلَى ثَلَاثَةٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْهَا إِلَّا الثَّنَايَا مِنْ جَمِيعِهَا وَلَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الْمَعْزِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ إِنَّهُ يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ جَمِيعِهَا حَتَّى مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ كَمَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ - أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ إِلَّا الَّتِي دُونَ الْجَذَعِ وَيُجْزِئُ مِنَ الضَّأْنِ وَحْدَهُ الْجَذَعُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مسنةٌ إِلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ ".

فَدَلَّ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُسِنِّ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ وَالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الِاعْتِبَارِ، لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ: " قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَصْحَابِهِ ضَحَايَا فَأَعْطَانِي عَنْزًا ذَا جَذَعٍ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُ جَذَعٌ فَقَالَ: " ضَحِّ بِهِ فَضَحَّيْتُ بِهِ ".

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ ". وروى ابن عباس قَالَ: جَلَبْتُ غَنَمًا جِذَاعًا إِلَى الْمَدِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>