للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوصية للقرابة من ذوي الأرحام]

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لقرابتي أو لذوي وأرحمي لِأَرْحَامِي فَسَوَاءٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالَأُمِّ، وَأَقْرَبُهُمْ وَأَبْعَدُهُمْ وَأَغْنَاهُمْ وَأَفْقَرُهُمْ سَوَاءٌ لِأَنَّهُمْ أُعْطُوا بِاسْمِ القرابة كما أعطي من شهد القتال باسم الحضور وإن كان من قبيلة من قريش أعطي بقرابته المعروفة عند العامة فينظر إلى القبيلة التي ينسب إليها فيقال من بني عبد مناف ثم يقال وقد تفترق بنو عبد مناف فمن أيهم؟ قيل من بني عبد يزيد بن هاشم بن المطلب فإن قيل أفيتميز هؤلاء؟ قيل نعم هم قبائل فإن قيل فمن أيهم؟ قيل من بني عبيد بن عبد يزيد فإن قيل أفيتميز هؤلاء؟ قيل نعم بنو السائب بن عبيد بن عبد يزيد فإن قيل أفيتميز هؤلاء؟ قيل نعم بنو شافع وبنو علي وبنو عباس أو عياش شك المزني وكل هؤلاء بنو السائب فإن قيل أفيتميز هؤلاء؟ قيل نعم كل بطن من هؤلاء يتميز عن صاحبه فإذا كان من آل شافع قيل لقرابته هم آل شافع دون آل علي والعباس لأن كل هؤلاء متميز ظاهر ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْوَصِيَّةُ لِلْأَقَارِبِ فَمُسْتَحَبَّةٌ وَغَيْرُ واجبة لقوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨] .

وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: ٢٦] . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى بُطْلَانِهَا لِلْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ، وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَرَابَةٌ لأن أبيهم يَجْمَعُهُمْ.

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فَاسِدٌ، أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْآيَةِ.

وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْأَقَارِبِ بَاطِلَةٌ لِلْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ فَمُنْتَقَضٌ بِالزَّكَاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِخْرَاجِهَا إِلَى أَقْوَامٍ لَا يَنْحَصِرُ عَدَدُهُمْ ثُمَّ هِيَ وَاجِبَةٌ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مُسْتَحِقِّ الْوَصِيَّةِ مِنْهُمْ عِنْدَ إِطْلَاقِ ذِكْرِهِمْ.

فَقَالَ أبو حنيفة: هُمْ كُلُّ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ. وَقَالَ مَالِكٌ هُمْ كُلُّ مَنْ جَازَ أَنْ يَرِثَ دون من لا يرث مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

وَقَالَ أبو يوسف ومحمد: هم كل من جمعه وإياهم أَوَّلُ أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ: إِلَى أَنَّهُمُ الْمَنْسُوبُونَ فِي عُرْفِ النَّاسِ إِلَى قَرَابَتِهِ المخصوصة إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>