أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَكِيلَةِ زَيْتِهِ لَا غَيْرَ وَيَكُونُ النُّقْصَانُ دَاخِلًا عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ الرُّجُوعَ كَمَا لَوْ كَانَ زَيْتُهُ مُتَمَيِّزًا فَتَغَيَّرَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ إِنْ شَاءَ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الرُّجُوعِ بِنَقْصِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُبَاعَ جَمِيعُ الزَّيْتِ وَيُقَسَّمَ عَلَى قِيمَةِ الزَّيَتَيْنِ فَيُدْفَعَ إِلَى الْبَائِعِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ زَيْتِهِ وَإِلَى غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ زَيْتِهِ. مِثَالُهُ: أَنْ يَكُونَ زَيْتُ الْبَائِعِ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَزَيْتُ الْمُفْلِسِ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمًا فَيُبَاعَ الصَّاعَانِ وَيُدْفَعَ إِلَى الْبَائِعِ ثُلُثَا الثَّمَنِ وَإِلَى غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الثُّلُثُ الْبَاقِي وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ إِذَا أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ بِحَقِّهِ كَامِلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ نَاقِصًا كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ زَائِدًا وَفِي قِسْمَةِ ثَمَنِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ انْتِفَاءُ نَقْصٍ يَدْخُلُ عَلَى مَالِ الْبَائِعِ وَزِيَادَةٍ تُوجَدُ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ.
(فَصْلٌ)
وَإِنْ خَلَطَهُ بِأَجْوَدَ مِنْ زَيْتِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ - أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ مِنَ الرُّجُوعِ بِمَالِهِ بَاقٍ لَا يَبْطُلُ إِذَا اخْتَلَطَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِذَا خَلَطَهُ بِأَرْدَأَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَيْنُ مَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَالنَّقْصِ الَّذِي لَا يَتَمَيَّزُ وَجَبَ أَنْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِذَا خَلَطَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَيْنُ مَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَالزِّيَادَةِ الَّتِي لَا تَتَمَيَّزُ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ مِنْ زِيَادَةٍ لَا تَتَمَيَّزُ كَالْحَادِثِ بِهِ مِنْ نَقْصٍ لَا يَتَمَيَّزُ فِي أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ بِزِيَادَتِهِ وَنَقْصِهِ،
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَبْغُ الثَّوْبِ لَمَّا كَانَ مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ وَلَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ لَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِرْجَاعِ الْبَائِعِ لَهُ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي ثَمَنِهِ مَصْبُوغًا وَكَذَا السَّوِيقُ إِذَا أَلَتَّهُ بِزَيْتٍ لَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ اسْتِرْجَاعِ الْبَائِعِ لَهُ وَيَكُونَ شَرِيكًا فِي ثَمَنِهِ مَلْتُوتًا فَأَوْلَى فِي الزَّيْتِ إِذَا خَلَطَهُ بِجِنْسِهِ مِمَّا هُوَ أَجْوَدُ مِنْهُ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ اسْتِرْجَاعِ الْبَائِعِ لَهُ وَيَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ مُخْتَلِطًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ قَدْ بَطَلَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنَ اسْتِرْجَاعِ مَالِهِ لِأَنَّهُ إِنِ اسْتَرْجَعَ مِنَ الْجُمْلَةِ مَكِيلَةَ زَيْتِهِ اسْتَفْضَلَ زِيَادَةً غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ وَأَدْخَلَ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ مَضَرَّةً فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْمَكِيلَةِ بِقَدْرِ قِيمَةِ زَيْتِهِ صَارَ مُعَاوِضًا عَنْ صَاعٍ بِنِصْفِ صَاعٍ وَذَلِكَ رِبًا حَرَامٌ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنِ الرُّجُوعُ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ بَطَلَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْهَا وَصَارَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيهَا.
وَفَارَقَ الزَّيْتَ إِذَا خَلَطَهُ بِأَرْدَأَ مِنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فِي أَخْذِ مَكِيلَتِهِ مِنَ الْأَرْدَأِ نَقْصٌ يَضُرُّ بِهِ وَلَا يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا خَلَطَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute