للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ كَالْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرْعٌ مُصَانٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: جَائِزٌ لِقُصُورِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ.

فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنِ ابْتِيَاعِهِ كَالْقُرْآنِ، لِاسْتِبْدَاعِهِمْ فِيهِ، وَأَنَّهُمْ رُبَّمَا جَعَلُوهُ طَرِيقًا إِلَى الْقَدْحِ فِيهِ، فَإِنِ ابْتَاعُوهُ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا.

وَأَمَّا كُتُبُ الْفِقْهِ، فَإِنْ صِينَتْ عَنْهُمْ كَانَ أَوْلَى، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَيْهِمْ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا.

وَأَمَّا كُتُبُ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْهَا، وَلَا تُصَانُ عَنْهُمْ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ لا يتميز بحرمة.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِصَلَاةِ النَّصَارَى فَمَفْسُوخٌ وَلَوْ قَالَ يَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ أَجَزْتُهُ وَلَيْسَ فِي بِنَائِهَا مَعْصِيَةٌ إِلَّا بَأَنْ تُبْنَى لِصَلَاةِ النَّصَارَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِصَلَاةِ النَّصَارَى أَوْ بَيْعَةٍ لِصَلَاةِ الْيَهُودِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ بَاطِلَةً، سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصِي مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا مَجْمَعٌ لِمَا أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ صَلَاتِهِمْ وَإِظْهَارِ كُفْرِهِمْ.

وَالثَّانِي: لِتَحْرِيمِ مَا يُسْتَأْنَفُ إِحْدَاثُهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ.

فَإِنْ أَحَدٌ من أهل الذمة أوصى أَنْ تُبْنَى دَارُهُ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً لَمْ يَجُزْ، وَسَوَاءٌ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ إِلَى حَاكِمِهِمْ إِلَّا أَنَّهُمْ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ وَمَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا مَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ، وَلَمْ نَعْتَرِضْ لِلْوَصِيَّةِ.

فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعِمَارَةِ بَيْعَةٍ قَدِ اسْتُهْدِمَتْ أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ إِنْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا، وَمَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ.

وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا لَمْ نَعْتَرِضْ لِلْوَصِيَّةِ، فَإِنْ بَنَوْهَا لَمْ يُمْنَعُوا لِاسْتِحْقَاقِ إِقْرَارِهِمُ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَيْهَا.

وَلَوْ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَا فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَنَا لَا تَجْرِي عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ تَرَافَعُوا فِي الْوَصِيَّةِ إِلَيْنَا حَكَمْنَا بِإِبْطَالِهَا، وَلَمْ نَمْنَعْ مِنْ بِنَائِهَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا إِذَا أَوْصَى بِبِنَاءِ دَارٍ يَسْكُنُهَا الْمَارَّةُ مِنَ النَّصَارَى فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُجْعَلَ لِمَارَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِسُكْنَاهَا مَعَهُمْ، فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَهَا خَاصَّةً لِمَارَّةِ النَّصَارَى، ففيها وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>