للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهَا إِلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، شَيْءٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَمَّا قَابَلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ، وَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنِ الشَّيْءِ لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ مِلْكَهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى الْأُجْرَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ قبل مضي المدة، فعله يَتَفَرَّعُ الْجَوَابُ بِعَكْسِ مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الْأُولَى قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَقَدْ كَانَ مِلْكُهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا فَيُزَكِّي الْبَاقِيَ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا لِسَنَةٍ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ خَمْسِينَ دِينَارًا فَيُزَكِّي الْبَاقِيَ لِسَنَةٍ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا إِلَّا قَدْرَ مَا خَرَجَ مِنْهَا فِي زَكَاةِ السَّنَةِ الْأُولَى فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ، فَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا فَيُزَكِّي الْبَاقِيَ، وهو خمسة وسبعون دِينَارًا إِلَّا قَدْرَ مَا خَرَجَ مِنْهَا فِي زَكَاةِ السَّنَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ، فَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنِ الْمِائَةِ كُلِّهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَخْرَجَ مِنْ زَكَاتِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَزِمَهُ فِي مِلْكِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

فَصْلٌ

: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى تَعْلِيلِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ مَسْأَلَتَانِ فِي الْبُيُوعِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهَا، وَلَا يُسَلِّمَ السِّلْعَةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ إخراج زكاته قبل تسليم السلعة التي من مقابله عَلَى قَوْلَيْنِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ لِلتِّجَارَةِ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ عَنْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ إِنْ قِيلَ إِنَّ مِلْكَ الأجرة مستقر، وإن طرأ الْفَسْخُ فَمِلْكُ الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةِ مُسْتَقِرٌّ، وَإِنْ جَازَ طروء الفسخ وإخراج زكاتها غير واجب، حتى يتقابضا السلعة، ويؤمن طروء الْفَسْخِ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَبَايَعَا سَلَمًا بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ وَيَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، فَالْجَوَابُ يَنْبَنِي أَوَّلًا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي فَسْخِ السَّلَمِ بِعَدَمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ، فَأَحَدُ قَوْلَيْهِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِعَدَمِهِ، فَعَلَى هَذَا ملك البايع مُسْتَقِرٌّ عَلَى ثَمَنِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يَنْفَسِخُ بِعَدَمِهِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يَكُونُ مِلْكُهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى ثَمَنِهِ وَيَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي اسْتِقْرَارِ مِلْكِ الأجرة قبل مضي المدة، فأما المشتري السَّلَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ إِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ تَأْجِيلَ الشَّيْءِ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ زَكَاتِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ اسْتَأْنَفَ حَوْلَهُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي حُلُولِ الْأُجْرَةِ، وَمِلْكِ الْمُؤْجِرِ لَهَا، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّ الْأُجْرَةَ حَالَّةٌ وَإِنَّ الْمُؤْجِرَ لَهَا مَالِكٌ، وَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>