للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ بَيْعِهِ وَرَهْنِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ فِي بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ رَهْنِهِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ.

فَإِذَا بِيعَ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِرِدَّتِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِرِدَّتِهِ.

فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِرِدَّتِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَتُوبَ مِنَ الرِّدَّةِ أَوْ يُقْتَلَ بِهَا. فَإِنْ تَابَ مِنَ الرِّدَّةِ فَقَدْ مَضَى الْبَيْعُ سَلِيمًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: إِنَّ قَتْلَهُ بِالرِّدَّةِ يَجْرِي مَجْرَى اسْتِحْقَاقِهِ بِالْغَصْبِ فَيَجْعَلُ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِثَمَنِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَبَانَ مَغْصُوبًا وَاسْتَحَقَّ رَدَّهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ الرِّدَّةَ عَيْبٌ كَالْمَرَضِ وَقَتْلُهُ بِالرِّدَّةِ يَجْرِي مَجْرَى مَوْتِهِ بِالْمَرَضِ، فَإِذَا قُتِلَ فِي يَدِهِ بِالرِّدَّةِ لَمْ يَرْجِعْ بِثَمَنِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ بِالْمَرَضِ لَمْ يَرْجِعْ بِثَمَنِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَرْشِ نَقْصِهِ بِالرِّدَّةِ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ قَدْ كَانَ عَالِمًا بِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِرِدَّتِهِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى رِدَّتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ بِهَا بَعْدَ تَوْبَتِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْلَمَ بِهَا بَعْدَ قَتْلِهِ. فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى رِدَّتِهِ فَهَذَا عَيْبٌ قَدْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَفْسَخَ الْبَيْعَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْبَيْعِ.

فَإِنْ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ الثَّمَنِ، وَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَأَرَادَ الْمَقَامَ عَلَى الْبَيْعِ فَلَا أَرْشَ لَهُ.

ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَتُوبَ مِنَ الرِّدَّةِ أَوْ يُقْتَلَ بِهَا، فَإِنْ تَابَ مِنَ الرِّدَّةِ فَقَدِ اسْتَقَرَّ الْمِلْكُ وَانْقَطَعَ حُكْمُ الرِّدَّةِ، وَإِنْ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَهُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ كَمَا لَوِ استحق.

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ قَدْ رَضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>