عَنِ الْمِيرَاثِ مَعَ الْجَدِّ سَقَطُوا فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ، لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ سَبَبٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَسَقَطَتْ بِسُقُوطِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَذَهَبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يُقَاسِمُونَ الْجَدَّ مَعَ وَلَدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ يَرُدُّونَ مَا حَصَلَ لَهُمْ عَلَى وَلَدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأُمِّ أُنْثَى وَاحِدَةً فَلَا تُزَادُ فِيمَا يَرُدُّ عَلَيْهَا عَلَى النِّصْفِ، فَإِنْ وَصَلَ بَعْدَ النِّصْفِ شَيْءٌ تَقَاسَمَهُ وَلَدُ الْأَبِ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مثل حظ الأنثيين، وحكي نحوه عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ بِوَلَدِ الْأَبِ مَعَ وَلَدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ: هُوَ أَنَّ مُقَاسَمَةَ الْإِخْوَةِ لِلْجَدِّ إِنَّمَا كَانَ لِإِدْلَاءِ جَمِيعِهِمْ بِالْأَبِ فَلَمَّا ضَعُفَ الْجَدُّ عَنْ دَفْعِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ بِانْفِرَادِهِمْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَضْعُفَ عَنْ دَفْعِهِمْ إِذَا اجْتَمَعُوا مَعَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُمْ فَلِذَلِكَ ما اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فِي مُقَاسَمَتِهِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَقْوَى سَبَبًا مِنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ دَفَعُوهُمْ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِمْ حِينَ ضَعُفَ الْجَدُّ عَنْ دَفْعِهِمْ فَلِذَلِكَ عَادَ مَا أَخَذَهُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَحْجُبَ الأخوة شخصا ثم يَعُودُ مَا حَجَبُوهُ عَلَى غَيْرِهِمْ، أَلَا تَرَى أن الأخ للأب يحجب الأم مع الخ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ يَعُودُ السُّدُسُ الَّذِي حَجَبَهَا عَنْهُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، فَهَكَذَا فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ، وَهَكَذَا الْأَخَوَانِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ مَعَ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ يَعُودُ الْحَجْبُ عَلَى الْأَبِ دُونَ الأخوين.
فأما الجواب عن الاستدلال بأن المقاسمة إنما تحجب الاستحقاق بِهَا فَهُوَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ صَحِيحٌ وَقَدِ اسْتَحَقَّهُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَصَارَتِ الْمُقَاسَمَةُ لِلِاسْتِحْقَاقِ لَا لِغَيْرِهِ.
فَصْلٌ:
فَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخًا لِأَبٍ، وَجَدًّا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ يَرُدُّ الْأَخُ لِلْأَبِ سَهْمَهُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَيَصِيرُ لِلْأَخِ للأب والأم سهمين، وَلِلْجَدِّ سَهْمٌ، وَلَوْ تَرَكَ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتًا لِأَبٍ، وَجَدًّا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أربعة، ثم ترد الأخت للأب سهما عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَيَصِيرُ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَهْمَانِ، وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلَوْ تَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتًا لِأَبٍ وَجَدًّا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ تَرُدُّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ على الأخ للأب والأم سهما فيصير للأخ للأب وَالْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلَوْ تَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَجَدًّا، كان المال بينهم على ستة ثم ترد الأختان سهما عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَيَصِيرُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلَوْ تَرَكَ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخًا لِأَبٍ وَجَدًّا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ يَرُدُّ الْأَخُ لِلْأَبِ مِنْ سَهْمِهِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ تَمَامَ النِّصْفِ سَهْمًا وَنِصْفًا فَيَصِيرُ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، وَمَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ نِصْفُ سَهْمٍ، وَمَعَ الْجَدِّ سَهْمَانِ، وَتَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ، فَلَوْ تَرَكَ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ، وَجَدًّا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ تَرُدُّ الْأُخْتَانِ مِنَ الْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ والأم تمام النصف لينتقل إِلَى عَشَرَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ عِشْرِينَ، فَلَوْ تَرَكَ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَثَلَاثَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ، وَجَدًّا، كان المال بينهم على ستة هم تَرُدُّ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ تمام النصف سهمين ويقتسمون السهم الباقي وتصح من ثمانية عشر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute