للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَسَدَتْ عَلَيَّ فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " نِعْمَ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ قَالَ فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ " وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ خَبَّابٍ عَنْ يَزِيدَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَطَبَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ الْعِيدِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِ يَوْمِكُمْ هَذَا الصَّلَاةُ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِي أَبُو بُرْدَةَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَوْمًا يَشْتَهِرُ فِيهِ اللَّحْمُ، وَإِنَّا عَجَّلْنَا فَذَبَحْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَبْدِلْهَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا مَاعِزًا جَذَعًا فَقَالَ هِيَ لَكَ وَلَيْسَتْ لأحدٍ بَعْدَكَ ".

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ غَيْرَهُ، وَفِي تَخْصِيصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَبِي بُرْدَةَ بِإِجْزَائِهَا عَنْهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ فَاسْتثْنى.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ عُلِمَ مِنْ صِدْقِ طَاعَتِهِ وَخُلُوصِ نِيَّتِهِ مَا مَيَّزَهُ عَمَّنْ سِوَاهُ.

وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ اجْتِهَادِ رَأْيِهِ أَوْ عَنْ وَحْيٍ مِنَ الله تعالى؟ على وجهين. ما يذبح من الضَّحَايَا مِنَ النَّعَمِ

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا فِي أَسْنَانِ الضَّحَايَا فَالثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ مَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ، وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَا اسْتَكْمَلَ سِتًّا، وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا ثَانِيًا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ كَمَا وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنْ مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْهُ هُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِخْبَارًا عَنِ ابْتِدَاءِ سِنِّ الثَّنِيِّ، وَمَا رَوَاهُ حَرْمَلَةُ إِخْبَارًا عَنِ ابْتِدَاءِ سِنِّ الثَّنِيِّ، وَمَا رَوَاهُ حَرْمَلَةُ إِخْبَارًا عَنِ انتهاء سِنِّ الثَّنِيِّ، وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنَ الْبَقَرِ فَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ مَا اسْتَكْمَلَ ثَلَاثًا، وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ، وَتَأْوِيلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعْزِ فَهُوَ: مَا اسْتَكْمَلَ سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيةِ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ، وَتَأْوِيلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ فَهُوَ ما استكمل ستة أشهر ويدخل فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ مَا اسْتَكْمَلَ سنة وتأويله ما ذكرناه.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَالْإِبِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُضَحَّى بِهَا مِنَ الْبَقَرِ وَالْبَقَرُ مِنَ الْغَنَمِ وَالضَّأْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَعْزِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَفْضَلُ الضَّحَايَا الثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ الثَّنِيُّ مِنَ الْبَقَرِ، ثُمَّ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ، ثُمَّ الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعْزِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>