للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيَرِقُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ.

وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَدَّى ثُلُثَ كِتَابَتِهِ، عَتَقَ وَكَانَ غَرِيمًا بِالْبَاقِي.

وَحُكِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ عَتَقَ، وَكَانَ غَرِيمًا بِالْبَاقِي.

وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ أَقَاوِيلِهِمْ بِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ حُرٍّ وَبِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ عَبْدٍ ". فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ لَا يَقِفُ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِ الْمَالِ.

وَدَلِيلُنَا: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ ".

وَهَذَا نَصٌّ، وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ أَوْ قَالَ: كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ " وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَخْلُو إِمَّا أَنْ يَغْلِبَ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ، فَتَجْرِيَ مَجْرَى الْبَيْعِ، أَوْ يَغْلِبَ فِيهَا حُكْمُ الصِّفَةِ، فَتَجْرِيَ مَجْرَى الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ فَإِنْ جَرَتْ مَجْرَى الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِتَسْلِيمِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ وَإِنْ جَرَى مَجْرَى الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ لَمْ تَقَعْ إِلَّا بِوُجُودِ جَمِيعِ الصِّفَةِ فَبَطَلَ بِهَذَا مَا قَالُوهُ.

فَأَمَّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مَعَ ضَعْفِهِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ دِيَتَهُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَدْرِ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ، وَيَكُونُ إِنْ صَحَّ مَحْمُولًا عَلَى عِتْقِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ عَلَى مَا مَضَى.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِجَمِيعِ الْأَدَاءِ فَعَقَدَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا أَدَّى مِنْهُمَا نَجْمًا، عَتَقَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ كَانَتِ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً لِاقْتِرَانِهَا بِشَرْطٍ يُنَافِيهَا، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ نَجْمًا مِنْهَا عَتَقَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ، لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِيهِ وَسَرَى الْعِتْقُ إِلَى بَاقِيهِ وَرَجَعَ السَّيِّدُ إِلَى مُكَاتَبِهِ، وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ أَفْضَتْ إِلَى عِتْقِ جَمِيعِهِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أداه إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>