للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَمَا يُقَامُ لَهُ مِنَ الصلوات ولا يؤذن)

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فِي أَذَانِهِ، وَإِقَامَتِهِ إِلَّا مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ وَلَا وَجْهُهُ عَنْهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأَذَانُ فِي اللُّغَةِ: فَهُوَ الْإِعْلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَذَانٌ من الله ورسوله} [الحج: ٢٧] أَيْ: أَعْلِمْهُمْ بِهِ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:

(أَلَا إِنَّ لَيْلَى أَذَّنَتْ بِقُفُولٍ ... وَمَا أَذَنَتْ ذَا حَاجَةٍ بِرَحِيلِ)

فَسُمِّيَ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ أَذَانًا، لِأَنَّهُ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَحُضُورِ فَعْلِهَا.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا} [فصلت: ٣٣] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: ٣٣] ، قِيلَ فِي أحد تأويليها: إِنَّهُمُ الْمُؤَذِّنُونَ، وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِي عَلَامَةٍ تَكُونُ لَهُمْ عِنْدَ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ. فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِالنَّاقُوسِ فَقَالَ: ذَاكَ مِزْمَارُ النَّصَارَى، وَأَشَارَ آخَرُونَ بِالْقَرْنِ فَقَالَ: ذَاكَ مِزْمَارُ الْيَهُودِ، وَأَشَارَ آخَرُونَ بِالرَّايَةِ فَقَالَ مَا تَصْنَعُونَ بِاللَّيْلِ ثُمَّ هَمَّ أَنْ يُعْمِلَ النَّاقُوسَ.

فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طاف بي رجل وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ - مِنْ غَيْرِ تَرْجِيعٍ قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ فُرَادَى فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ قَالَ: فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الخطاب وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>