أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْمَخْزُومِيَّةِ وَهِيَ بِنْتُ عَمَّتِهِ وَقَدْ خَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ انْكَحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ صَلِيبَةِ قُرَيْشٍ بنت عمته بأسامة بن زيد وهو مولاه وزوج أبا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَهِيَ بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب.
ثم نزل عليها بَعْدَهُ، وَزَوَّجَ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيَّ بِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا زَوَّجْتُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جحش، والمقداد بن الأسود ضباعة بِنْتَ الزُّبَيْرِ لِتَعْلَمُوا أَنَّ أَشْرَفَ الشَّرَفِ الْإِسْلَامُ "، وقد زوج أبو بكر الصديق بنت الأشعث بْنِ قَيْسٍ فَصَارَ سِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ فَكَرِهَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ، وَلَقِيَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَشَكَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: سَأَكْفِيكَ، وَلَقِيَ سَلْمَانَ، فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ: إِنْ أمير المؤمنين قد عزم أن يزوجك كريمته ليتواضع بك فقال: إني متواضع والله لأتزوجها؛ وَلِأَنَّ الْكَفَاءَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَلَمَّا صَحَّ النِّكَاحُ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ لَا تُكَافِئُهُ صَحَّ النِّكَاحُ إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ بِرَجُلٍ لَا يُكَافِئُهَا.
فَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِالْخَبَرِ وَالْأَثَرِ فَمَحْمُولَانِ على أحد الوجهين: أَمَّا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْإِيجَابِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى نِكَاحِ الْأَبِ لِلْبِكْرِ الَّتِي يُجْبِرُهَا وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَيْسَ نَقْصُ الْمَهْرِ نَقْصًا فِي النَّسَبِ وَالْمَهْرُ لَهَا دُونَهُمْ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
إِذَا رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْكِحَ نَفْسَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَعْتَرِضُوا عَلَيْهَا فِيهِ، وَلَا أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنَ النِّكَاحِ لِنَقْصِهِ، فَإِنْ مَنَعُوهَا صار المانع لها فاصلاً وَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ.
وَقَالَ أبو حنيفة: لِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا في نقص المهر ولا يصيروا عَضْلَةً بِمَنْعِهَا مِنْهُ، وَإِنْ نَكَحَتْ فَلَهُمْ فَسْخُ نِكَاحِهَا إِلَّا أَنْ يُكْمِلَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا استدلالاً بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أدوا العلائق قيل: يا رسول، وما العلائق: قال ما ترضى بِهِ الْأَهْلُونَ " فَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: " أَدَّوُا الْعَلَائِقَ " خطاباً للأزواج كان قوله: " ما ترضى به الأهلون " إشارة على الْأَوْلِيَاءِ، وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَشْتَمِلُ عَلَى بَدَلَيْنِ، هُمَا: الْبُضْعُ، وَالْمَهْرُ، فَلَمَّا كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ فِي بُضْعِهَا أَنْ تَضَعَهُ فِي غَيْرِ كفءٍ كَانَ لَهُمُ الِاعْتِرَاضُ فِي مَهْرِهَا أَنْ يَنْكِحَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَتَحَرَّرَ مِنْهُ قِيَاسَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute