للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعلوق بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَيَكُونُ حُرًّا، وَمَنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَالْعُلُوقُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ بَعْدَ الْعِلْمِ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْحَمْلِ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَهَذَا حُكْمُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ غَرُورُ الزَّوْجِ بِالْحُرِّيَّةِ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ في غرور الزوج بالنسب

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ غَرُورُ الزَّوْجِ بِالنَّسَبِ فَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا هَاشِمِيَّةٌ فَتَكُونُ عَرَبِيَّةً، أَوْ عَلَى أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فَتَكُونُ نَبَطِيَّةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً، فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ.

فَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَقْدِ تَأْثِيرٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى، وَهَلْ يَرْجِعُ به على من غره م لا؟ على قولين.

أحدهما: يَرْجِعُ بِهِ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَهُوَ أحد ثلاثة: إِمَّا الْوَلِيُّ، أَوْ وَكِيلُهُ، أَوِ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كان الولي أو وكيله هو الغار رجع عليه بعد الغرم لجميع الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ هِيَ الْغَارَّةَ فَفِيهِ وجهان:

أحدهما: يرجع عليهما بِجَمِيعِهِ أَيْضًا كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَتْرُكُ عَلَيْهَا مِنْهُ يَسِيرًا، وأقله أَقَلُّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِبَاقِيهِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَبِيحًا لِبُضْعِهَا بِغَيْرِ بَذْلٍ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَدْ رجع المهر إليهما رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ عليهما مِنْهُ قَدْرَ أَقَلِّ الْمُهُورِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مَا دَفَعَ الْمَهْرَ إِلَيْهَا فَلَا مَعْنَى، لِأَنْ يَدْفَعَ الْمَهْرَ إِلَيْهَا ثُمَّ يَسْتَرْجِعُهُ فَلَا يَدْفَعُ إِلَيْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ شَيْئًا وَيَدْفَعُ إِلَيْهَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي قَدْرَ أَقَلِّ الْمُهُورِ، وَسَوَاءً فِي إِصَابَةِ هَذِهِ الْغَارَّةِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْبَلَهَا أَوْ لَمْ يُحَبِلْهَا فِي أن ولدها إذا ألحق به لم يلزمه غرم، لأنه لم يجز عَلَيْهِ رِقٌّ.

فَصْلٌ

وَإِنْ قِيلَ إِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ نُظِرَ فِي نَسَبِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ نَسَبِهَا الَّذِي ظَهَرَ لَهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْهِ وَلَا مَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ وَإِنْ كَانَ كَالنَّسَبِ الَّذِي شرطه وأعلا مِنَ النَّسَبِ الَّذِي ظَهَرَ لَهَا فَخِيَارُهُ فِي فسخه معتبر بخياره في غروره بالرق به وبالحرية وَتَعْلِيلِ اسْتِحْقَاقِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالْحُرِّيَّةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالنَّسَبِ، وَإِنْ قِيلَ: لَهُ الْخِيَارُ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالْحُرِّيَّةِ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالنَّسَبِ، مُعْتَبَرٌ بِاخْتِلَافِ الْعِلَّةِ إِذَا كَانَ مَغْرُورًا بِالْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْعِلَّةَ فِي خِيَارِهِ إذا غر بالحرية أن

<<  <  ج: ص:  >  >>