للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً فَقَالُوا لَهُ فَالْأَوْقَاصُ؟ فَقَالَ لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا بِشَيْءٍ، حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ، فَرَجَعَ إِلَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ فِيهَا.

فَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ فَمَعْنَاهُ إِنْ صَحَّ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ فِي إِيجَابِ زَكَاتِهَا لَا فِي مَقَادِيرِ نُصُبِهَا، فَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْإِبِلِ فِي اشْتِرَاكِهَا فِي الْإِجْزَاءِ عَنْ سَبْعَةٍ في الضحايا فيفسر بالغنم، لأن السبعة عَنْ سَبْعَةٍ، وَيَقْتَضِي عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْعِبْرَةِ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا شَاةٌ، فَعُلِمَ بِالنَّصِّ فِي الْغَنَمِ فَسَادُ هَذَا الِاعْتِبَارِ وبطلان هذا الجمع.

[فصل]

: فإذا ثبت فِي ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعٌ، فَلَا شَيْءَ فيما دونه، فالتبيع ذكر وهو ما له سنة، وَسُمِّيَ تَبِيعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ عَلَى اتِّبَاعِ أُمِّهِ، فَإِنْ أَعْطَى تَبِيعَةً قُبِلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فإذا بلغتها فهي مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ وَقَدْ دَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ أَعْطَى مُسِنًّا ذَكَرًا نَظَرَ فِي بَقَرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا كُلَّهَا أو ذكوراً كلها، ففي جَوَازِ قَبُولِ الْمُسِنِّ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ لنصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْمُسِنَّةِ.

وَالثَّانِي: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِي مُطَالَبَتِهِ بمسنة من غير ما له إضرار بِهِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ.

وَعَنْ أبي حنيفة ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ:

أَحَدُهَا: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ فِي زيادتها حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَيَكُونَ فِيهَا تَبِيعَانِ، وَبِهِ قَالَ أبو يوسف ومحمد.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَنْهُ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الْمُسِنَّةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَيَكُونُ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ تَعَلُّقًا بِأَنَّ بِنْتَ لَبُونٍ لَمَّا لَمْ تُعَدَّ في الإبل إلا بعد فرض الحقة والجذعة

<<  <  ج: ص:  >  >>