وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا أَطْلَقَ ذِكْرَ الْعَبْدِ فِي خُلْعِهِ تَنَاوَلَ عَبْدًا وَسَطًا سِنْدِيًّا بَيْنَ الأبيض والأسود، فجعل ذلك شرط في وقوع الطَّلَاقِ. وَتَمَلَّكَ الْعَبْدَ بِهِ، وَبَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الصَّدَاقِ إِذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا صَحَّ، وَتَنَاوَلَ عَبْدًا وَسَطًا سِنْدِيًّا بَيْنَ الْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ، وَنَحْنُ نُخَالِفُهُ فِي الْأَصْلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ معه والله أعلم.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: (وَلَوْ خَلَعَهَا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثَمَّ أَصَابَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَجِّلَ طَلَاقَهَا بِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَهُ مُعَلَّقًا بِدَفْعِهِ.
فَإِنْ عَجَّلَ طَلَاقَهَا بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ بِهَذَا الْعَبْدِ، فَقَدْ طُلِّقَتْ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَبْدَ عِوَضًا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا، فَإِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا لِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهَا وَجَارِيًا فِي تَصَرُّفِهَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا، وَمَلَكَ الْعَبْدَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّعْيِينِ مَعْلُومٌ، فَإِنْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ فسخ بِهِ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا مُلِكَ بِالْأَعْوَاضِ رُدَّ بِالْعُيُوبِ كَالْبَيْعِ ثُمَّ بِمَاذَا يَرْجِعُ بَعْدَ رَدِّهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا.
وَالثَّانِي: بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَإِنْ كَانَتْ لَا تَمْلِكُ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ كَانَتْ تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ لَا ينفذ تصرفها فيه، وإما لِكَوْنِهِ مَوْهُوبًا أَوْ لِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا، بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْخُلْعِ، كَمَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِقِيمَتِهِ.
وَالثَّانِي: بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
(فَصْلٌ:)
وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا مُعَلَّقًا بِدَفْعِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهَا وَتَصَرُّفِهَا فَمَتَى أَعْطَتْهُ الْعَبْدَ طُلِّقَتْ بِدَفْعِهِ وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّعْيِينِ مَعْلُومٌ، فَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ، فَلَهُ رَدُّهُ وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى) .
أَحَدُهُمَا: بِقِيمَتِهِ.
وَالثَّانِي: بِمَهْرِ الْمِثْلِ.