والوجه الثاني: لا يعود إليه اعتباراً بحكم الأغلب من زمانيه.
فأما السفيه فله حالتان:
أحدهما: أن يكون محجورً عليه بالسفه فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُ مَوْضِعَ الْحَظِّ لِنَفْسِهِ فَهَذَا لَا وِلَايَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَظَّ نَفْسِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَعْرِفَ حَظَّ غَيْرِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ حُجِرَ عليه لتبذيره لماله مع معرفته لحظ نَفْسِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَتْ وِلَايَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَوْلَى أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سريج هو عَلَى وِلَايَتِهِ وَلَهُ تَزْوِيجُ وَلِيَّتِهِ لِأَنَّ مَا اسْتُحِقَّ بِه الْحَجْرِ لِحِفْظِ الْمَالِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي إِسْقَاطِهَا، فَإِنْ كَانَ السَّفِيهُ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّهُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِوُجُودِ مَعْنَى الْحَجْرِ فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ بَاقِيَ الْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ بَاقِيَ الولاية على غيره.
فَصْلٌ
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَوْ ضَعِيفًا " وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الصَّغِيرُ الضعيف البدن.
والثاني: الضعيف الرأي إِمَّا لعتهٍ وبلهٍ وَإِمَّا لِكِبَرٍ وَهَرَمٍ، فَأَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ؛ لأَنَّهُ مُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَالِيًّا؛ وأَمَّا الْمَعْتُوهُ وَالْأَبْلَهُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تمييزه فلم يعرف حَظَّ نَفْسِهِ وَحَظَّ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الْهَرِمُ الذي قد صار بهرمه خرقاً لَا يَعْرِفُ مَوْضِعَ الْحَظِّ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ لفقده تمييزه.
فَصْلٌ
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أو سقيماً " وفيه روايتان:
أحدهما: مؤطاً يَعْنِي ذَا الْمَرَضِ الْمُؤْلِمِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: مُوَلِّيًا يعني ذا المرض المولي عليه لِفَقْدِ تَمْيِيزِهِ كَالْبِرْسَامِ وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ مُؤْلِمًا نُظِرَ فِي أَلَمِهِ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ كَانَ عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ أَلَمُهُ عَظِيمًا قَدْ قَطَعَهُ عَنِ الْفِكْرِ وَصَرَفَهُ عَنِ الْحَظِّ وَالصَّلَاحِ فَلَا وِلَايَةَ له لفقد المقصود بها منه، ون كان مرضه مولياً عليه كإفاء الْمُبَرْسَمِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَ مِنْهُ فِي حَالِ إِغْمَائِهِ، وَفِي بُطْلَانِ وِلَايَتِهِ وَجْهَانِ: