وَالزَّوْجَةُ إِذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لَا يُمْكِنُ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَيَضُرُّ تَسْلِيمُ نَفْسِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَائِعُ وَتَجِيءُ بَاقِي الْأَقَاوِيلِ وَاللَّهُ أعلم.
[مسألة:]
قَالَ " وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ ذَهَبًا بِعَيْنِهِ فَتَلَفَ مِنْ يَدِي الْمُشْتَرِي أَوْ تَلَفَتِ السِّلْعَةُ مَعَ يَدَيِ الْبَائِعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَا تَعَيَّنَ بِالْعَقْدِ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَمَنًا كَانَ أَوْ مُثَمَّنًا بَطَلَ بِهِ الْبَيْعُ وَذَكَرْنَا خِلَافَ مَالِكٍ فِيهِ وَاحْتَجَجْنَا لَهُ وَعَلَيْهِ بِمَا أَغْنَى عَنْهُ زِيَادَةً فِيهِ وَفَرَّعْنَا إِلَيْهِ فُرُوعًا نَحْنُ نَتْبَعُهُمْ فَإِذَا بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَكَسَبَ الْعَبْدُ فِي يَدِ بَائِعِهِ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ بِمَوْتِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقْبَضَ الثَّمَنَ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ. وَالْأَلْفُ الَّتِي اكْتَسَبَهَا الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ كَسَبَهَا عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ حِينَ كَسَبَ العبد ألفا حسبها عَنِ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَلِفَتَ ضَمَنَهَا بِالْحَبْسِ وَلَزِمَ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ عَلَيْهِ بِمَا ضَمَنَهُ مِنْ كَسْبِهِ أَلْفٍ هِيَ بِإِزَاءِ الَّتِي لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ فَصَارَتَا قَصَاصًا.
قَالَ " وَلَا أُحِبُّ مُبَايَعَةَ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ مِنْ رِبًا أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَلَا أَفْسَخُ الْبَيْعَ لِإِمْكَانِ الْحَلَالِ فِيهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. تُكَرَهُ مُعَامَلَةُ مَنْ لَا يَتَوَقَّى الشبهه فِي كَسْبِهِ وَمَنْ خَلَطَ الْحَرَامَ بِمَالِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَلَنْ تَجِدَ فقْد شَيْءٍ تَرَكْتَهُ لِلَّهِ ". وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حلال بيّن وحرام بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ وَمَنْ يَحُمْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ". وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَصِيرُوا كَالْحَنَايَا وصمتم حتى تكونوا كالأتار مَا تُقُبِّلَ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا بِوَرَعٍ شَافٍ. وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ، مِنْ أَيْنَ مَشْرَبُهُ، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ أَدْخَلَهُ. وَرُوِيَ عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: مَلَاكُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رأى رَجُلًا دَخَلَ السُّوقَ يَتَّجِرُ فَقَالَ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُ أَبْوَابَ الرِّبَا فَقَالَ: لَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ فَأْسًا وَقَالَ لَهُ: امْضِ فَاحْتَطِبْ. وَالْوَرَعُ فِي الدين مندوب إليه، وتوقي الشبهة فِيهِ مَأْمُورٌ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute