وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَنْتَقِلُ عَنْ نَجَاسَتِهِ فَيَصِيرُ طَاهِرًا كَالْمَاءِ النَّجِسِ يُطَهَّرُ بِالْمُكَاثَرَةِ وَالْأَدْهَانُ وَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِ غَسْلِهَا فَفِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَإِبَاحَةِ ثَمَنِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُتْلِفُهَا ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى مُتْلِفِهَا.
فَصْلٌ
: وَإِذَا غَصَبَ خَمْرًا فَصَارَ فِي يَدِهِ خَلًّا صَارَ حِينَئِذٍ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ خَلًّا ذَا قِيمَةٍ فَلَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَلَفِهِ فَقَالَ الْمَالِكُ صَارَ خَلًّا فَعَلَيْكَ ضَمَانُهُ وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ تَلِفَ فِي يَدِي وَهُوَ خَمْرٌ عَلَى حَالِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَلَوْ صَارَ الْخَمْرُ بَعْدَ غَصْبِهِ خَلًّا ثُمَّ عَادَ الْخَلُّ فَصَارَ خَمْرًا ضَمِنَهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِأَنَّهُ بِمَصِيرِهِ خَمْرًا قَدْ صَارَ تَالِفًا فَلَوْ عَادَ ثَانِيَةً فَصَارَ خَلًّا رَدَّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَعَ رَدِّهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَوْدِهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَا لَمْ يَحْدُثْ فِي مِلْكِهِ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مِنْ نَقْصِ الْمَرَضِ إِذَا عَادَ.
: وَإِذَا غُصِبَ واحد من خفين قيمتها مَعًا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَاسْتَهْلَكَهُ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ دِرْهَمَانِ فَفِي قَدْرِ مَا يَضْمَنُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ قِيمَةُ مَا تَفَرَّدَ بِاسْتِهْلَاكِهِ وَلِكَوْنِ نَقْصِ الِانْفِرَادِ دَاخِلًا عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ دِرْهَمَانِ مِنْهَا قِيمَةُ الْمُسْتَهْلِكِ وَسِتَّةٌ هِيَ ضَمَانُ. النَّقْصِ بِالِانْفِرَادِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ مِنْهُ كَمَنْ قَطَعَ إِحْدَى كُمَّيْ قَمِيصٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دراهم فصارت قيمته بد قَطْعِ الْكُمِّ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْكُمِّ بَعْدَ قَطْعِهِ دِرْهَمَيْنِ ضَمِنَ اتِّفَاقًا جَمِيعَ النَّقْصِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ كَذَلِكَ فِي إِحْدَى الْخُفَّيْنِ وَلَا قطع عليه ما ضمان النقط الزَّائِد عَلَى قِيمَةِ الْخُفِّ الْمَسْرُوقِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْخُفِّ الْمُنْفَرِدِ دِرْهَمَانِ وَهِيَ دُونَ النِّصَابِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ الَّذِي يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ مِنْ غَيْرِ إِخْرَاجٍ لَهُ مِنَ الْحِرْزِ فَصَارَ كَالْمُسْتَهْلِكِ لَهُ فِي الْحِرْزِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
: فَأَمَّا إِذَا غَصَبَ صَكًّا أَوْ سِجِلًّا أَوْ كِتَابَ عُهْدَةٍ فَاسْتَهْلَكَهُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ قَلَّتْ وَسَوَاءٌ بَطَلَ احْتِجَاجُ الْمَالِكِ بِهَا فِي تَثْبِيتِ أَمْلَاكِهِ أَمْ لَا فَلَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ وَلَكِنْ مَحَا مَا كَانَ مُثْبَتًا فِيهِ مِنْ خَطِّ وَثِيقَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ بِذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْكِتَابِ شَيْءٌ فَيَضْمَنُ مَا نَقُصَ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِضْرَارًا بِمَالِكِهِ وَإِبْطَالًا لِلْوَثِيقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute