عَلَى الْقَابِضِ الْمُطَالِبِ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ وَهَلْ يَجِبُ إِشْهَادُ الْقَاضِي عَلَى نَفْسِهِ بِبَرَاءَتِهِ مِنْهُ بِقَبْضِ مُسْتَحِقِّهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْإِشْهَادُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْقَابِضِ، لِمَا ظَهَرَ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْقَابِضِ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِ إِسْجَالِ الْأَحْكَامِ بِإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ دُونَ إِسْقَاطِهَا.
[(فصل: [القول في ما يجب على القاضي المطالب بتسمية الشهود] )]
وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ فِي كِتَابِهِ فَسَأَلَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ أَنْ يُكَاتِبَ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَسْمَاءِ شُهُودِهِ لَمْ يَلْزَمْ إِجَابَتُهُ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِرَاضًا عَلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ فِي أَحْكَامِهِ وَشُهُودِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ سَأَلَ الْمَحْكُومَ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ أَسْمَاءَ شُهُودِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْمِيَتُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُمْ. وَلَوْ خَرَجَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إِلَى الْقَاضِي الْحَاكِمِ وَسَأَلَهُ عَنْ تَسْمِيةِ شُهُودِهِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانُوا مِمَّنِ اسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمْ وَهُمْ مِمَّنْ لَا تُعَادُ الْمَسْأَلَةُ لِقَدِيمِ شَهَادَتِهِمْ لَمْ يَلْزَمْ تَسْمِيَتُهُمْ لَهُ.
وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَهُ بِغَيْرِهَا وَهُمْ مِمَّنْ تُعَادُ الْمَسْأَلَةُ عَنْهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْمِيَتُهُمْ لَهُ بَعْدَ سُؤَالِهِ.
فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِجَرْحِهِمْ كَانَ سَمَاعُهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
فَإِنْ أَقَامَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَتِهِمْ، نُقِضَ حُكْمُهُ بِهِمْ، وَكُتِبَ بِنَقْضِهِ إِلَى قَاضِيهِ، لِيُسْقِطَ عَنْهُ الْحَقَّ الَّذِي كَاتَبَهُ بِهِ،
وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِجَرْحِهِمْ عِنْدَ قَاضِيهِ الَّذِي كُوتِبَ بِوُجُوبِ الْحَقِّ عَلَيْهِ لَمْ يَسْمَعْهَا، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُهُودُ الْحُكْمِ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الْخَصْمِ.
فَإِنْ كَتَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي بِأَسْمَائِهِمْ جَازَ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ بِجَرْحِهِمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَيَحْكُمُ بِإِسْقَاطِ الْحَقِّ عَنْهُ.
فَإِنْ سَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ بِجَرْحِهِمْ إِلَى الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ. لَزِمَهُ مُكَاتَبَتُهُ بِهِ، لِيُسْقِطَ بِهِ الْحَقَّ عَنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِهِ، حَتَّى لَا يَأْخُذَهُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَيْهِ.
(فَصْلٌ)
: وَلَوْ لَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي كِتَابه سَبَبَ حُكْمِهِ، وَقَالَ: ثَبَتَ عِنْدِي بِمَا تَثْبُتُ بِمِثْلِهِ الْحُقُوقُ وَسَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ، نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ