وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمُ لِإِرْبِهِ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ، وَرُوِيَ لِأَرْبِهِ بِفَتْحِهَا وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَرَادَتِ الْعُضْوَ نَفْسَهُ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ إِنَّهَا أَرَادَتْ شَهْوَتَهُ، وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ زَوْجَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنِ الصَّائِمِ، يُقَبِّلُ زَوْجَتَهُ فَسَأَلَتْهَا، فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَرْجَعَتِ الْمَرْأَةُ وَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا فَغَضِبَ وَقَالَ لَسْنَا كَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وما تأخرا ارجعي فاسأليها عَنْ حَالِنَا فَرْجَعَتْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَأَخْبَرَتْهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَا عِلْمَ لِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلَا أَخْبَرْتِيهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ قَدْ أَخْبَرْتُهَا فَقَالَتْ كَيْتَ وَكَيْتَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَقْوَمَكُمْ عَلَى دِينِهِ وَرَوَى جَابِرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ أَمْرًا عَظِيمًا فَتَجِدُ لِي مِنْ رجعةٍ فَقَالَ وَمَا ذَلِكَ فَقُلْتُ: قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ يَا عُمَرُ أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِالْمَاء قُلْتُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ فَفِيمَ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْقُبْلَةَ بِلَا إِنْزَالٍ كَالْمَضْمَضَةِ بِلَا ازْدِرَادٍ فَأَمَّا خَبَرُ مَيْمُونَةَ فَإِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ إِذَا أَنْزَلَ، أَوْ يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيظِ وَالزَّجْرِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ".
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقُبْلَةَ بِلَا إِنْزَالٍ لَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى الْكَرَاهَةِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُنْظَرُ فِي حَالِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْقُبْلَةُ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَلَا تُبْطِلُ صَوْمَهُ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ فَإِنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ، فَهِيَ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ وَبِهِ قَالَ ابن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute