للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِنَ الضَّرْبِ الثَّالِثِ وَإِنْ خَرَجَ عَنِ الضَّرْبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ يَكُونُ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ، انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى التَّفْرِيعِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا.

فَإِذَا قِيلَ بِالْأَوَّلِ إنَّهُ يُعْتَقُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا، هَلْ يَقْتَرِنُ بِعِتْقِ مِلْكِهِ، أَوْ يَتَعَقَّبُهُ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ نُفُوذِ الْعِتْقِ فِي مِلْكِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ نُفُوذِ الْعِتْقِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُعْتَقُ الْجَمِيعُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَفْظِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِعِتْقِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لَمْ يُعْتَقْ بِلَفْظِهِ، فَدَلَّ عَلَى عِتْقِهِ بِالسِّرَايَةِ دُونَ لَفْظِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَالَهُ شَاذٌّ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ جَمِيعَهُ يُعْتَقُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ عِتْقَ مُبَاشَرَةٍ، لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، لِأَنَّ عِتْقَهُمَا عَنْ لَفْظٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا بِاللَّفْظِ، وَيَكُونُ الْمُعْتَقُ مَأْخُوذًا بِالْقِيمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، عَقِيبَ عِتْقِهِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بِقِيمَتِهِ مَعَ عِتْقِهِ، وَلَوْ مَاتَ العبد عقيب العتق، مات حراً، وما له لِوَرَثَتِهِ، وَلَمْ تَسْقُطِ الْقِيمَةُ عَنْ مُعْتِقِهِ، وَيَمْلِكُ إِكْسَابَ نَفْسِهِ، وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهُ، وَزَكَاةُ فِطْرِهِ، عَنْ مُعْتِقِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ، أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ أَعْسَرَ بِهَا، بَعْدَ يَسَارِهِ كَانَتْ دَيْنًا يُحَاصُّ بِهَا الشَّرِيكُ جَمِيعَ غُرَمَائِهِ، وَلَوِ اخْتَلَفَ الْمُعْتِقُ وَالشَّرِيكُ فِي قِيمَةِ الْحِصَّةِ، وَتَعَذَّرَتِ الْبَيِّنَةُ بِهَا، كَانَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمُعْتِقِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ أَمَةٌ حَامِلٌ، فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَقَبْلَ دَفْعِ قِيمَتِهَا، عَتَقَ مَعَهَا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا.

وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ كَانَ مَوْرُوثًا وَوَارِثًا.

وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، كَانَ فِيهِ غُرَّةُ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ.

وَإِذَا قِيلَ بِالثَّانِي: إنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، فَهَلْ يَكُونُ الْعِتْقُ مُعْتَبَرًا بِالدَّفْعِ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ، أَمْ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الشَّرِيكِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ الْعِتْقُ مُعْتَبَرًا بِدَفْعِ الْمُعْتَقِ، وَتَمْكِينِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْضَهُ، سَوَاءٌ قَبَضَهُ مِنْهُ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، لِأَنَّ الْعِتْقَ وَاقِعٌ بِهَا فَاعْتُبِرَ بِفِعْلِ مَنْ كَانَ الْعِتْقُ وَاقِعًا فِي حَقِّهِ، فَعَلَى هَذَا تَصِيرُ الْقِيمَةُ دَاخِلَةً فِي مِلْكِ الشَّرِيكِ بِدَفْعِ الْمُعْتِقِ لَهَا، وَتَمَكُّنِ الشَّرِيكِ مِنْ قَبْضِهَا، وَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا كَانَتْ تَالِفَةً مِنْ مَالِ الشَّرِيكِ دُونَ الْمُعْتِقِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَقُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، حَتَّى يَقْبِضَهَا الشَّرِيكُ لِأَنَّ تَأَخُّرَ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ، إِنَّمَا وَجَبَ لِيَصِلَ إِلَى حَقِّهِ مِنْهَا، وَهُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرُ وَاصِلٍ إِلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، فَإِنْ تَمَانَعَ مِنَ الْقَبْضِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>