للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فَسَخَتْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ وَإِنْ أَقَامَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِرَفْعِ الْحَجْرِ بِالْإِقَامَةِ.

وَالْفَصْلُ السَّابِعُ: قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَقَوْلُهُ فِي الْأَمَةِ بَيْنَهُمَا إنَّهُ إِنْ أَحْبَلَهَا أَحَدُهُمَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، كَالْعِتْقِ وَإِنَّ شَرِيكَهُ إِنْ وَطِئَهَا، قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، كَانَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ تاما. وفي ذلك قضاء لما قبل، لِأَنَّ إِحْبَالَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لَهَا جَارٍ مَجْرَى عِتْقِهِ، لَهُ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْإِحْبَالِ، فَإِذَا وَطِئَهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ، كَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَهْرِهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ، لَا تَصِيرُ لِلْمُحْبِلِ أُمَّ وَلَدٍ، إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ وَطِئَهَا الشَّرِيكُ، كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ دَفَعَ الْمُحْبِلُ الْقِيمَةَ بَانَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ بِالْإِحْبَالِ، وَكَانَ عَلَى الشَّرِيكِ، إِذَا وَطِئَ جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعِ الْقِيمَةَ بَانَ أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْإِحْبَالِ وَالْعِتْقِ فَرْقٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي اسْتِشْهَادِهِ بِهِ دَلِيلٌ.

وَالْفَصْلُ الثَّامِنُ: قَالَ الْمُزَنِيُّ وَدَلِيلٌ آخَرُ لَمَّا كَانَ الثَّمَنُ فِي إِجْمَاعِهِمْ بِتَمْيِيزِ أَحَدِهِمَا بيع عَنْ تَرَاضٍ، يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ وَالْآخَرُ فِيهِ متلف لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّقْسِيطِ، فَلَمَّا حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْمُوسِرِ الْمُعْتِقِ بِالْقِيمَةِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قِيمَةُ مُتْلَفٍ عَلَى شَرِيكِهِ، يَوْمَ أَتْلَفَهُ، فَهَذَا كُلُّهُ قَضَاءٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ وَبِاللَّهِ التوفيق.

فيقال للمزني: جعلت الأثمان ضربين: [الأول] ضَرْبٌ لِأَعْيَانٍ ثَابِتَةٍ بِعَقْدٍ عَنْ تَرَاضٍ يَجُوزُ فيه التغابن كالبيع. [الثاني] وضرب يَكُونُ فِيهِ مُتْلَفًا وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ كَالشَّرِيكِ فَجَعَلْتَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ لِمَا اسْتَحَقَّ فِيهَا مِقْدَارًا، لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ، أَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ بِالْعِتْقِ.

وَهَاهُنَا ضَرْبٌ ثَالِثٌ، يُسْتَحَقُّ فِيهِ مُقَدَّرٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ وَلَيْسَ بِمُتْلَفٍ، وَلَا مُسْتَهْلَكٍ وَهُوَ الشَّفِيعُ يَنْتَزِعُ الشِّقْصَ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي لَا يُسْتَحْدَثُ فِيهِ التَّغَابُنُ، وَلَيْسَ بِتَالِفٍ، وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ، عَلَى زَيْدٍ اسْتَحَقَّ بَيْعَهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ الْمُقَدَّرَةِ، وَلَيْسَ بِتَالِفٍ فَلَمَّا كَانَ هَذَا ضَرْبًا ثَالِثًا تَقَدَّرَ فِيهِ الثَّمَنُ وَزَالَ عَنْهُ التَّغَابُنُ، وَهَذَا بَاقٍ غَيْرُ تَالِفٍ دَخَلَتْ فِيهِ حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْمُقَدَّرَةُ عَنْ غير متلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>