للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ كَانَ لِبَلَدِ هَذَا الْمَطْلُوبِ أَمِيرٌ وَقَاضٍ، كَانَتْ مُكَاتَبَةُ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَوْلَى، لِأَنَّ الْقَاضِيَ بِإِلْزَامِ الْحُقُوقِ أَخَصُّ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ فَهَذَا مُعْتَبَرٌ بِوِلَايَةِ الْقَاضِي.

فَإِنْ كَانَ بَلَدُ الْأَمِيرِ دَاخِلًا فِي وِلَايَتِهِ، جَازَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ.

وَلَزِمَ الْأَمِيرَ إِنْفَاذُهُ إِلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ وِلَايَتِهِ، لَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْأَمِيرِ بِإِحْضَارِهِ.

وَلَمْ يَجُزْ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُنفِذَهُ إِلَيْهِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي مُكَاتَبَةِ الْقَاضِي لِلشُّهُودِ، فَلَيْسَ لِلشُّهُودِ تَنْفِيذُ حُكْمٍ وَلَا اسْتِيفَاءُ حَقٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ وَثَائِقٌ، فِيمَا يَتَحَمَّلُونَهُ مِنَ الْحُقُوقِ، لِيَشْهَدُوا بِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا عِنْدَ مُسْتَوْفِيهَا.

وإذا كان كذلك فللقاضي في مكاتبتهم ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُكَاتِبَهُمْ بِتَنْفِيذِ الْحُكْمِ، فَهَذَا مِنْهُ اسْتِخْلَافٌ لَهُمْ عَلَى الْحُكْمِ، وَهُوَ اسْتِئْنَافُ وِلَايَةٍ، لَا يَصِحُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ فَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ لَمْ يَجُزْ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ التَّقْلِيدِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَجُزْ وَيَصِيرُ هَذَا تَقْلِيدًا خَاصًّا فِي هَذَا الْحُكْمِ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ فِيهِ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمْ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُكَاتِبَهُمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ: فَجَوَازُ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونُوا مِنْ عَمَلِهِ فَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ فِي عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُكَاتِبَهُمْ إِشْهَادًا لَهُمْ عَلَى حُكْمِهِ، لِيَكُونُوا وَثِيقَةً لِلطَّالِبِ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ إِنْفَاذَ حُكْمِهِ لَهُ، فَجَرَى هَذَا مَجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَهُمْ بِهِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ عَمَلِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَحَمَّلُوهُ عَنْهُ إِذَا أَشْهَدَهُمْ شُهُودُ الْمُتَحَمِّلِينَ لِلْكِتَابِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُؤَدُّوا ذَلِكَ إِذَا تَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ بِمَنْ تَحَمَّلُوا ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ الْقَاضِي أَوْ شُهُودُ الْكِتَابِ كَمَا نَقُولُهُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي مُكَاتَبَةِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَالْكِتَابُ إِلَيْهِ إِلْزَامٌ لَهُ، وَحُكْمٌ عَلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ عَمَلِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ وَلَا يَجِبُ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ كِتَابَهُ، وَلَا يَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي طَاعَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>