للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهِنَّ وَلَا بِدْعَةَ. وَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ حيض الصغيرة، ووضع الحامل، ووطئ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، رُوعِيَ فِيهِنَّ طَلَاقُ السُّنَّةِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الشَّرْطِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كُنَّ فِي طُهْرٍ طُلِّقْنَ، وَإِنْ كُنَّ فِي حَيْضٍ لَمْ يُطَلَّقْنَ فِيهِ حَتَّى إِذَا طَهُرْنَ طلقن والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (ولو قال أنت طالق لفلان طُلِّقَتْ مَكَانَهُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِفُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ: أنت طالق لرضى فلان، فقد ذهب قوم إلى أن رضى فُلَانٍ شَرْطٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهَذَا خَطَأٌ بَلِ الطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ أنك طالق لرضى فلان كقوله لعبده: أنت حر لرضى اللَّهِ، أَوْ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَا يكون شرطاً، لأن معناه لرضى الله، فإن قال: أردت بقولي لرضى فُلَانٍ الشَّرْطَ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أن رَضِيَ فُلَانٌ فَلَا تُطَلَّقُ إِنْ لَمْ يَرْضَ فُلَانٌ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَقَعْ إِلَّا أَنْ يَرْضَى فُلَانٌ. فَأَمَّا الظَّاهِرُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الظَّاهِرِ مُعَجَّلًا اعْتِبَارًا بِحُكْمِ الظَّاهِرِ فِي الْجَزَاءِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ إِلَّا عَلَى مَا نَوَى، إِذَا رَضِيَ فُلَانٌ اعْتِبَارًا بِاحْتِمَالِ الْكَلَامِ فِي كَوْنِهِ شَرْطًا.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ رَضِيَ زَيْدٌ وَإِذَا رَضِيَ زَيْدٌ، صار الرضى شرطاً في وقوع الطلاق، لأن إذا وإن مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَإِنْ رَضِيَ زَيْدٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يَقَعْ، لكن الرضى فِي قَوْلِهِ: إِنْ رَضِيَ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ تراخى الرضى لَمْ يَصِحَّ، وَفِي قَوْلِهِ إِذَا رَضِيَ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَوْ رَضِيَ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ صَحَّ، لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ إن وإذا. وأما رضى زَيْدٍ فَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِقَوْلِهِ قَدْ رَضِيتُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْتَبَرَ أَمَارَاتُ فِعْلِهِ كَالْمَشِيئَةِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ زَيْدٌ صَادِقًا فِي رِضَاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ. وَهَلْ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهَيْنِ:

أحدهما: يدين اعتباراً بحقيقة الرضى بِهِ بِالْقَلْبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَدِينُ اعْتِبَارًا بِالْقَوْلِ الَّذِي لَا يَتَحَقَّقُ مَا سِوَاهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ زَيْدٌ: قَدْ شِئْتُ كَاذِبًا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي الْحُكْمِ. وَهَلْ يَدِينُ فِيهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طالق إذا رضي زيداً وَأَنْ رَضِيَ زَيْدٌ بِفَتْحِ الْأَلِفِ طُلِّقَتْ مِنْ غير اعتبار الرضى لِأَنَّهُمَا حَرْفَا جَزَاءٍ عَنْ مَاضٍ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ رَضِيَ زَيْدٌ وَكَانَ زَيْدٌ صَغِيرًا فَرَضِيَ فِي صِغَرِهِ فَفِيهِ وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>