للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَدْخُلُ لِاتِّصَالِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَدْخُلُ لِتَمْيِيزِهِ وَاحْتِمَالِهِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي دُبَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ أَوْ غِرَارَةٌ فِيهَا حِنْطَةٌ كَانَ إِقْرَارُهُ بِالدُّبَّةِ وَالْغِرَارَةِ دُونَ الزَّيْتِ وَالْحِنْطَةِ لِتَمْيِيزِهِ وَاحْتِمَالِهِ وَهُوَ مِمَّا وَافَقَ عَلَيْهِ أبو حنيفة فَصَارَ حُجَّةً عَلَيْهِ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي رَأْسُ عَبْدٍ كَانَ إِقْرَارًا بِجَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّ رَأْسَ الْعَبْدِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي فَصُّ خَاتَمٍ كَانَ إِقْرَارًا بِالْفَصِّ دُونَ الْخَاتَمِ لِتَمْيِيزِهِ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ كَانَ إِقْرَارُهُ بِهِ وَبِفَصِّهِ لِأَنَّ اسم الخاتم بجمعهما. وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُ عَبْدًا إِلَّا رَأْسَهُ أَوْ إِلَّا يَدَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَكُونُ غَاصِبًا لجميعه لاستحالة مَا اسْتَثْنَاهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِجُزْءٍ مِنْهُ يُرْجَعُ فِي بَيَانِهِ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ قَالَ لَهُ قِبَلِي كَذَا أَقَرَّ بِمَا شَاءَ وَاحِدًا وَلَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا أَقَرَّ بِمَا شَاءَ اثْنَيْنِ وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا قِيلَ لَهُ أَعْطِهِ دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا قِيلَ لَهُ أَعْطِهِ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِرْهِمٍ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) وَهَذَا خِلَافُ الْأَوَّلِ هُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى أَقَلَ مِنْ دَرْهِمٍ وَلَا يُعْطَى إِلَا الْيَقِينُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وهذا صحيح. وهي ثلاث مسائل تشتمل كل مسألة منها على فصلين:

أحداها: أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا.

وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا ,.

فَأَمَّا إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ إِقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ مُجْمَلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ فَسَّرَهُ مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ فَلْسٍ أَوْ قِيرَاطٍ قُبِلَ مِنْهُ، كَمَا يُقْبَلُ فِي تفسير إقراره بشيء.

فإن ضم ذكر الدراهم إِلَى قَوْلِهِ كَذَا، فَقَالَ لَهُ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ، أَوْ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ، أَوْ كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ، فَعَلَيْهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَعَلَى تَصَانِيفِ الْإِعْرَابِ فِيهَا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْإِعْرَابِ في نحو دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يَكُونُ تَمْيِيزُهُ مَخْفُوضًا بِالْإِضَافَةِ غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ جَمِيعًا لَمْ يَعْتَبِرُوهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَوْجَبُوا فِيهِ دِرْهَمًا وَاحِدًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ كَذَا يَتَنَاوَلُ مِنَ الْأَعْدَادِ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ تَفْسِيرًا لِجِنْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>