وَلَوْ قَالَ الشَّرِيكُ هُوَ يُحْسِنُ هَذِهِ الصَّنْعَةَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ كَتَمَهَا، وَامْتَنَعَ مِنْ إِظْهَارِهَا. فَقَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الْعَبْدِ دُونَ الْمُعْتِقِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَهُ عَلَى الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ، وَلَا يَدَّعِيَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِكِتْمَانِهِ فَتَتَوَجَّهَ الدَّعْوَى إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُ عَلَى النَّفْيِ أَنَّهُ كَتَمَ مَا يُحْسِنُ، وَلَوِ اخْتُبِرَ الْعَبْدُ فَكَانَ يُحْسِنُ الصَّنْعَةَ نُظِرَ، فَإِنْ قَصُرَ زَمَانُ مَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ عَنْ تَعَلُّمِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ، ثَبَتَ تَقَدُّمُهَا، وَلَمْ يَحْلِفِ الشَّرِيكُ عَلَيْهَا، وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ صَانِعًا، وَإِنْ تَطَاوَلَ وَاتَّسَعَ لِتَعَلُّمِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ، صَارَ تَقَدُّمُهَا دَاخِلًا فِي الْجَوَازِ فَصَارَ كَادِّعَائِهَا فِي مَيِّتٍ، فَيَكُونُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمَيِّتِ مِنِ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا عَلَى الطَّرِيقَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْمُعْتِقِ مَعَ يَمِينِهِ بِاللَّهِ. أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْعِتْقِ غَيْرُ صَانِعٍ، وَلَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ غَيْرُ صَانِعٍ كَمَا يُحْلَفُ فِي الْمَيِّتِ والله أعلم.
[مسألة]
: قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ هُوَ سَارِقٌ أَوْ آبِقٌ وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْغُرْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ حَتَّى يَعْلَمَ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) قَدْ قَالَ فِي الْغَاصِبِ إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ أَنَّ بِهِ دَاءً أَوْ غَائِلَةً وَالْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّ يَجْنِي عَلَى يَدِهِ فَيَقُولُ الْجَانِي، هِيَ شَلَّاءُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَارِمِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى اخْتِلَافُهُمَا فِي الصَّنْعَةِ الزَّائِدَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي اخْتِلَافِهَا فِي عَيْبٍ يُنْقِصُ مِنَ الْقِيمَةِ فَيَدَّعِي الْمُعْتِقُ أَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، أَوْ آبِقًا، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ سَارِقٍ، أَوْ آبِقٍ وَيَقُولُ الشَّرِيكُ كَانَ سَالِمًا لَيْسَ بِسَارِقٍ، وَلَا آبِقٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الشَّرِيكِ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ غَيْرُ سَارِقٍ، وَلَا آبِقٍ وَلَهُ قِيمَةُ عَبْدٍ سَلِيمٍ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ على طريقتين:
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْغَارِمِ فَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ، فَيَكُونُ فِي الزِّيَادَةِ بِالصَّنْعَةِ الْقَوْلُ قَوْلَ مُنْكِرِهَا، وَهُوَ الْغَارِمُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ وَيَكُونُ فِي النُّقْصَانِ بِالْعَيْبِ الْقَوْلُ قَوْلَ مُنْكِرِهَا، وَهُوَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنَ الْعَيْبِ فَأَمَّا الْغَاصِبُ إِذَا اخْتَلَفَ مَعَ الْمَالِكِ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ بِهِ دَاءٌ، أَوْ غَائِلَةٌ فَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْغَاصِبِ، دُونَ الْمَالِكِ وَجُعِلَ فِي ضَمَانِ الْعِتْقِ الْقَوْلُ فيه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute