القول في الفرعة والعتيرة
(فَصْلٌ:)
فَأَمَّا الْفَرَعَةُ وَالْعَتِيرَةُ فَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ الْفَرَعَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَوَّلُ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ يقولون لا تملكها ويذبحوها رَجَاءً لِلْبَرَكَةِ فِي لَبَنِهَا وَنَسْلِهَا وَالْعَتِيرَةُ ذَبِيحَةٌ كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ مِنَ الْعَرَبِ يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ وَيُسَمُّونَهَا الْعَتِيرَةَ الرَّجَبِيَّةَ وَقَدْ رُوِيَ فِيهَا حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا فَرَعَةَ وَلَا عَتِيرَةَ " وَهَذَا نَهْيٌ عَنْهُمَا.
وَرَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا فَقَالَ: اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ ".
وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: " وَأَطْعِمُوا " قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُفَرِّعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ: " مِنْ كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ " وَهَذَا أَمْرٌ بِهِمَا وَلَيْسَ فِيهِمَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ، وَفِي اخْتِلَافِهِمَا تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّهْيِ عَنْهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى نَهْيِ الْإِيجَابِ وَحَدِيثَ نُبَيْشَةَ فِي الْأَمْرِ بِهِمَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُمَا عَلَى مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْجِنِّ وَالْأَمْرَ بِهِمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُبِحَ لِوَجْهِ اللَّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute