للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه تعجيل قبل الملك، ولو كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ ثُمَّ مَلَكَ أَلْفًا، وَعَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفٍ، ثُمَّ تَلِفَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ أَجْزَأَهُ مَا عَجَّلَهُ عَنِ الْأَلِفِ الْبَاقِيَةِ، لِوُجُودِهَا قَبْلَ التعجيل.

فَصْلٌ

: وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ، رَجُلٌ مَعَهُ مِائَتَا شَاةٍ، فَعَجَّلَ أَرْبَعَ شِيَاهٍ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ شاتين منهما عن هاتين المائتين وشاتين عَنْ نِتَاجِهَا، إِنْ بَلَغَ مِائَتَيْنِ، فَحَالَ الْحَوْلُ وَقَدْ نَتَجَتْ مِائَتَيْنِ، تَمَامَ أَرْبَعِمِائَةٍ، فَقَدْ أَجْزَأَتْهُ الشاتان عن المائتين المأخوذة، وهل يجزيه الشَّاتَانِ الْأُخْرَيَانِ عَنِ الْمِائَتَيْنِ النِّتَاجِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ لِأَنَّ السِّخَالَ إِذَا نُتِجَتْ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ كَانَتْ كَالْمَوْجُودَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةٍ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَهُ تَعْجِيلُ أَرْبَعِ شِيَاهٍ، فَكَذَلِكَ إِذَا نُتِجَتْ في أثناء الحول.

والوجه الثاني: لا يجزئه، لِأَنَّ التَّعْجِيلَ عَنْهَا سَابِقٌ لِوُجُودِهَا، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَعَجَّلَ شَاةً مِنْهَا ثُمَّ تَمَّتْ أَرْبَعِينَ بِنِتَاجِهَا لَمْ يُجْزِهِ كَذَلِكَ هذا لا يجزئه، لِأَنَّ التَّعْجِيلَ عَنْهَا سَابِقٌ لِوُجُودِهَا كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَعَجَّلَ شَاةً مِنْهَا ثم تمت أربعين بنتاجها لم يجزه هكذا فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ النِّتَاجِ وَالرِّبْحِ، حَيْثُ جَوَّزْتُمْ تَعْجِيلَ الرِّبْحِ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَمَنَعْتُمْ من تعجيل النتاج قبل وجودها، وَكِلَاهُمَا تَبَعٌ لِأَصْلِهُ فِي حَوْلِهِ؟

قِيلَ: هُمَا مستويان فِي الْحَوْلِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي التَّعْجِيلِ.

وَوَجْهُ افْتِرَاقِهِمَا فِيهِ أَنَّ النِّصَابَ فِي مَالِ التِّجَارَةِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحَوْلِ لَا فِيمَا قَبْلُ، أَلَا تَرَى لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَنِ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّتْ نِصَابًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنِ النَّقْصُ الْمُتَقَدِّمُ مَانِعًا مِنْ إِيجَابِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَاشِيَةُ، لِأَنَّ النِّصَابَ فِيهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، أَلَا تَرَى لَوْ نَقَصَتْ عَنِ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّتْ نِصَابًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنِ النَّقْصُ الْمُتَقَدِّمُ مَانِعًا مِنْ إِيجَابِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَاشِيَةُ لِأَنَّ النصاب فيها معين فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، أَلَا تَرَى لَوْ نَقَصَتْ عَنِ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّتْ نِصَابًا عِنْدَ الْحَوْلِ كَانَ النَّقْصُ الْمُتَقَدِّمُ مَانِعًا مِنْ إِيجَابِ الزَّكَاةِ، فَلِذَلِكَ مَا افْتَرَقَا فِي التَّعْجِيلِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعَجَّلَ زَكَاتَهَا شَاةً، ثُمَّ نَتَجَتْ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وبقي النتاج، فإن قيل فيما قِيلَ بِجَوَازِ التَّعْجِيلِ عَنِ الْأَصْلِ وَالنِّتَاجِ، كَانَتِ الشاة التي عجلها عن الأمهات مجزئة عن النتاج، فإن قِيلَ بِإِبْطَالِ التَّعْجِيلِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ تَكُنِ الشَّاةُ الَّتِي عَجَّلَهَا عَنِ الْأُمَّهَاتِ مُجْزِيَةً عَنِ النِّتَاجِ، وَلَزِمَهُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَنَتَجَتْ أَرْبَعِينَ سَخْلًا فَعَجَّلَ مِنْهَا شَاةً ثُمَّ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَتِ السِّخَالُ أَجْزَأَتْهُ الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ عَنِ السِّخَالِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِوُجُودِهَا قَبْلَ التَّعْجِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>