للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَقُولُ بِالْمَرَاسِيلِ أَوْ نَقُولُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْأَحْبَاسَ الَّتِي كَانَتْ تَفْعَلُهَا الْجَاهِلِيَّةُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) {المائدة: ١٣) .

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ فَهُوَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَقْفُ مَا صَحَّ لِمَعْنًى عَرَضَ فِيهِ فَرَدَّهُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ الرَّدُّ لَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحَبْسِ كَمَا لَوْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ بَيْعًا فَرَدَّهُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَبْسَ الْبَيْعِ بَاطِلٌ.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى صَدَقَةِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّا نَقْلِبُهُ، فَنَقُولُ: فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَعَدَمُهُ سَوَاءً.

أَصْلُهُ: مَا ذَكَرُوهُ ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَلْزَمَ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ إِذَا أَخْرَجَهُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ، وَإِذَا أَخْرَجَهُ بِلَفْظِ الْوَقْفِ لَزِمَ أَلَا تَرَى أَنَّ هِبَةَ الْعَبْدِ لَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، وَعِتْقَهُ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ إِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ، لِأَنَّ الْوَقْفَ مُزِيلُ الْمِلْكِ عَنِ الرَّقَبَةِ فَهُوَ كَالْعِتْقِ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمُ الْأَخِيرُ فَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَلْزَمَ إِذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْمَعْنَى، وَيَلْزَمَ إِذَا أُتِيَ بِلَفْظَةٍ كَمَا إِذَا قَالَ عَنْ عَقْدِ النِّكَاحِ أَحْلَلْتُ لَكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَأَبَحْتُهَا لَكَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَقَدْ صَرَّحَ بِمَعْنَاهُ وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ أَوْ أَنَكَحْتُكَ جَازَ ذَلِكَ والله أعلم.

فَصْلٌ

: ذَكَرَ أَصْحَابنَا تَفْسِيرَ السَّائِبَةِ، وَالْبَحِيرَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ، فَأَمَّا السَّائِبَةُ فَهِيَ النَّاقَةُ تَلِدُ عَشرَةَ بُطُونٍ كُلُّهَا إِنَاثٌ فَتُسَيَّبُ تِلْكَ النَّاقَةُ فَلَا تُحْلَبُ إِلَّا لِلضَّيْفِ وَلَا تُرْكَبُ، وَالْبَحِيرَةُ: وَلَدُهَا الَّذِي يَجِيءُ بِهِ فِي الْبَطْنِ الْحَادِي عَشَرَ فَإِذَا كَانَ أُنْثَى فَهِيَ الْبَحِيرَةُ، وَإِنَّمَا سَمَّوْهَا بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْحَرُونَ أُذُنَهَا أَيْ يَشُقُّونَهَا، وَالنَّحْرُ الشَّقُّ، وَلِهَذَا سَمَّوُا الْبَحْرَ بَحْرًا لِأَنَّهُ شَقٌّ فِي الْأَرْضِ.

وَأَمَّا الْوَصِيلَةُ فَهِيَ الشَّاةُ تلد خمسة بطن فِي كُلِّ بَطْنٍ عَنَاقَانِ فَإِذَا وَلَدَتْ بَطْنًا سَادِسًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَالُوا وَصَلَتْ أَخَاهَا فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ حَلَالًا لِلذُّكُورِ وَحَرَامًا لِلْإِنَاثِ وَأَمَّا الْحَامُ فَهُوَ الْفَحْلُ يَنْتِجُ مِنْ ظَهْرِهِ عَشَرَةَ بُطُونٍ فَيُسَيَّبُ وَيُقَالُ: حَمَي ظَهْرُهُ فَكَانَ لَا يُرْكَبُ.

فَصْلٌ

: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ لُزُومِ الْوَقْفِ عِنْدَنَا الْقَبْضُ وَقَالَ محمد بن الحسن: مِنْ شَرْطِ لُزُومِهِ الْقَبْضُ كَالْهِبَةِ.

وَدَلِيلُنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعُمَرَ " حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ " وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِقْبَاضِ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ إِلَيْهِ التَّحْبِيسَ، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يَمْلِكُ الْوَاقِفُ التَّحْبِيسَ، لِأَنَّهُ لَا تَصِيرُ بِوَقْفِهِ لَازِمًا حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ سَبَبٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ تِلْكَ السِّهَامَ الَّتِي مَلَكَهَا مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ فَكَانَ يَلِي صَدَقَتَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ وَقَفَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَلَمْ يَزَلْ يلي

<<  <  ج: ص:  >  >>