وَإِنْ كَانَتِ الْبِئْرُ وَاسِعَةً تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَآبَارِ الْبَادِيَةِ فَلَهَا حَالَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَكُونَ يَابِسَةً لَمْ يُوصَلْ إِلَى الْمَاءِ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ لِأَنَّهُ إِذَا قُسِمَتْ، وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أمكن أن يحجزها ويحفرها بئراً.
والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَاءٌ قَدْ وَصَلَ الْحَفْرُ إِلَيْهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ينبوع الماء من جميعها، وخارج مِنْ سَائِرِ قَرَارِهَا، فَالشُّفْعَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ لِأَنَّهَا إِذَا قُسِمَتْ وَجُعِلَ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ حَاجِزًا كَانَتْ بِئْرًا مُفْرَدَةً.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ يَنْبُوعُ الْمَاءِ فِي جَانِبٍ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ قِسْمَتُهَا لِسِعَتِهَا فَقَدْ يَحْصُلُ يَنْبُوعُ الْمَاءِ فِي جَانِبِهَا لِإِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ فَتَصِيرُ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ بِئْرًا، وَالْأُخْرَى غَيْرَ بِئْرٍ فَلَمْ يَصِحَّ الْقَسْمُ وَلَمْ تَجِبِ الشُّفْعَةُ.
فَصْلٌ
: وَمِنْ ذَلِكَ الْحَمَّامُ، فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا ذَا بُيُوتٍ إِذَا قُسِمَ حَصَلَ فِي كُلِّ حِصَّةٍ بُيُوتٌ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ حَمَّامًا وَكَانَ أَتُّونُهُ وَاسِعًا إِذَا قُسِّمَ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ اتَّسَعَتْ كُلُّ حِصَّةٍ بِمَا صَارَ لَهَا مِنَ الْأَتُّونُ وَاكْتَفَى بِهِ قُسِّمَ جَبْرًا وَوَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا تَقِلُّ بُيُوتُهُ إِذَا قُسِّمَتْ عَنْ كِفَايَةِ حمام ويصفر أَتُّونُهُ عَنِ الْقِسْمَةِ وَتَزُولُ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ كَالَّذِي نُشَاهِدُهُ فِي وَقْتِنَا مِنْ أَحْوَالِ الْحَمَّامَاتِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَا حَمَّامَيْنِ فَقَدْ يَصِيرُ أَحَدُ الْحَمَّامَيْنِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهَلَّا وَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ؟ قُلْتُ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْقِسْمَةُ بِحَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْقِسْمَةِ عِنْدَنَا أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِ الْحَمَّامَيْنِ وَالْآخَرُ بِالْآخِرِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ.
: وَمِنْ ذَلِكَ الرَّحَاءُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ أَرْضِهِ، كَمَا لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ مُنْفَرِدًا، وَإِنْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ ضَيِّقَةً كَبُيُوتِ الْأَرْحَاءِ الَّتِي لَا سِعَةَ فِيهَا لِغَيْرِ الرَّحَاءِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ جَبْرًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَاسِعَةً يَخْتَصُّ الرحا بِمَوْضِعٍ مِنْهَا كَأَرْحَاءِ الْبَصْرَةِ فِي أَنْهَارِهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي إِطْلَاقِ بَيْعِ الْأَرْضِ هَلْ يُوجِبُ دُخُولَ الرَّحَاءِ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَدْخُلَ فِيهِ عُلُوًّا، وَسُفْلًا فَعَلَى هَذَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ كَالْبِنَاءِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلُوُّ، وَلَا السُّفْلُ. فَعَلَى هَذَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ إِنْ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ كَالزَّرْعِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا من الثمن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute