أَحَدُهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ عَبْدًا، أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ حُرًّا، اعْتِبَارًا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، لِأَنَّ فِي الْإِصْبَعِ عُشْرَ الْقِيمَةِ وَفِي الرِّجْلِ نِصْفَهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَبْدًا، أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ حُرًّا، اعْتِبَارًا بِأَعْدَادِ الْجُنَاةِ، لِأَنَّ فِي الرِّقِّ مِنْهُمُ اثْنَيْنِ، وَفِي الْحُرِّيَّةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.
(فَصْلٌ)
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَرْعٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ نَظَائِرُهُ.
وَصُورَتُهُ: فِي حُرٍّ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيْ عَبْدٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ؛ فَقَطَعَ ثَانٍ يَدَهُ الْأُخْرَى، ثُمَّ ذُبِحَ الْمَقْطُوعُ فَمَاتَ تَوْجِئَةً بِالذَّبْحِ.
فَلَا يَخْلُو حَالُ الذَّابِحِ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَاطِعَ الْأَوَّلَ فَقَدْ صَارَ بِالذَّبْحِ قَاطِعًا لِسِرَايَةِ الْقَاطِعِ الثَّانِي سَوَاءٌ انْدَمَلَ قَطْعُهُ، أَوْ لَمْ يَنْدَمِلْ، فَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي لِلْوَارِثِ دُونَ السَّيِّدِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ، لِأَنَّهُ قَطَعَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ. وَأَمَّا الْأُولَ فَقَدْ قَطَعَ ثُمَّ ذَبَحَ فَيُعْتَبَرُ الْقَطْعُ، فَإِنْ كَانَ قَدِ انْدَمَلَ قَبْلَ الذَّبْحِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ وَوَجَبَ فِيهِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ دُونَ الْقَوَدِ، لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى عَبْدٍ، وَوَجَبَ عَلَى الْقَاطِعِ بِذَبْحِهِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ لِلْوَارِثِ، فَإِنْ عَفَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ قَطْعُهُ حَتَّى ذَبَحَهُ سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ، لِأَنَّهُ حُرٌّ جَنَى عَلَى عَبْدٍ، وَدَخَلَ أَرْشُهُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ أَرْشُ قَطْعٍ لَمْ يَنْدَمِلْ، وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ، يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ دُونَ السَّيِّدِ لِحُدُوثِ سَبَبِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنِ اقْتَصَّ الْوَارِثُ سَقَطَ حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ أَرْشِ الْقَطْعِ، لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ قِصَاصٌ وَأَرْشٌ.
فَإِنْ عَفَا الْوَارِثُ عَنِ الْقَوَدِ كَانَ لَهُ دِيَةُ حُرٍّ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَبْدًا، أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ حُرًّا قَوْلًا وَاحِدًا، اعْتِبَارًا بِأَرْشِ الْيَدِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ لِإِصْبَعٍ مِنَ اليَدِ، كَانَ لَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهِ عَبْدًا، أَوْ عُشْرِ دِيَتِهِ حُرًّا، اعْتِبَارًا بِأَرْشِ الْإِصْبَعِ. وَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ هُوَ الْقَاطِعَ الثَّانِي فَقَدِ اسْتَقَرَّ قَطْعُ الْأَوَّلِ الْقَاطِعِ فِي الرِّقِّ سَوَاءٌ انْدَمَلَ أَوْ لَمْ يَنْدَمِلْ، لِأَنَّ حُدُوثَ الذَّبْحِ بَعْدَهُ قَاطِعٌ لِسِرَايَتِهِ فَاسْتَقَرَّ حُكْمُهُ، وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ قَطْعُ حُرٍّ لِعَبْدٍ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْقَطْعِ الثَّانِي بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ قَدِ انْدَمَلَ قَبْلَ الذَّبْحِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ مَعَ حُكْمِ الذَّبْحِ، وَكَانَ لِلْوَارِثِ الْخِيَارُ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ.
بَيْنَ الْقِصَاصِ فِي الْيَدِ، وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، فَيَسْتَوِي بِهِمَا حَقَّيِ الْقَطْعِ وَالذَّبْحِ، لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ اليَدِ، وَيَأْخُذَ دِيَةَ النَّفْسِ، وَبَيْنَ أَنْ يقتص
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute