وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُوقِعَ بَيْنَهُنَّ أَرْبَعَ تَطْلِيقَاتٍ، فَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ الْجُمْلَةِ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ منهن واحدة على الْوَجْهِ الْآخَرِ تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا، وَتَكُونُ الرَّابِعَةُ لَغْوًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تُطَلَّقُ وَاحِدَةً، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ ثَلَاثًا.
وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُوقِعَ بَيْنَهُنَّ خَمْسَ تَطْلِيقَاتٍ فَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ الْجُمْلَةِ بَيْنَهُنَّ طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَطْلِيقَتَيْنِ، لِأَنَّ قسط كل واحدة، واحدة وربع، فكملت ثنتين، وَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ بَيْنَهُنَّ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا مِنْ خَمْسٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَةً، لِأَنَّ قِسْطَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ السِّتِّ تَطْلِيقَةٌ وَنِصْفٌ، وَمِنَ السَّبْعِ تَطْلِيقَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، وَمِنَ الثَّمَانِ تَطْلِيقَتَانِ، وَلَا فَرَقَ بَيْنَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَبَيْنَ تَطْلِيقَةٍ مِنْ بَعْضِ ثَانِيَةٍ فِي تَكْمِيلِهَا بِطَلْقَتَيْنِ.
وَالْحَالُ السَّادِسَةُ: أَنْ يُوقِعَ بَيْنَهُنَّ تِسْعَ تَطْلِيقَاتٍ، فَتُطَلَّقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، لِأَنَّ قِسْطَهَا مِنْ قِسْمَةِ الْجُمْلَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَرُبُعٌ، وَهُوَ أَقَلُّ أَحْوَالِهَا، فَكَمُلَتْ ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَعَ بينهن اكثر من سبع أو أكبر مِنْ ثَمَانٍ، وَدُونَ التِّسْعِ كَثَمَانٍ وَنِصْفٍ أَوْ ثمان وعشر، لأنه أزاد قِسْطَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى الثِّنْتَيْنِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ مِنْ ثَالِثَةٍ، كَمُلَ ثَلَاثًا.
(فَصْلٌ:)
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ تِسْعَ تَطْلِيقَاتٍ، وَقَالَ أَرَدْتُ بِالتِّسْعِ ثَلَاثًا وَاسْتَثْنَيْتُ الرَّابِعَةَ، طَلَّقَ الثَّلَاثَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَطُلِّقَتِ الرَّابِعَةُ فِي الظَّاهِرِ، وَكَانَ مَدِينًا فِي الْبَاطِنِ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ خَمْسًا، وَقَالَ: أَرَدْتُ التَّفْضِيلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقِسْمَةِ، وَأَنْ يَكُونَ ثَلَاثٌ مِنَ الْخَمْسِ لِوَاحِدَةٍ، والثنتان الباقيتان بين الثلاث، قبل قوله الَّتِي فَضَّلَهَا ظَاهِرًا، وَطُلِّقَتْ مِنْهُ ثَلَاثًا، وَقَدْ كَانَ يَقَعُ عَلَيْهَا لَوْلَا التَّفْضِيلُ تَطْلِيقَتَانِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي اللَّائِي نَقَصَهُنَّ فِي الظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ مَدِينًا فِي الْبَاطِنِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَوْلَا التَّفْضِيلُ طَلْقَتَانِ، وَيَقَعُ عَلَيْهَا مَعَ التَّفْضِيلِ وَاحِدَةٌ، فَيَلْزَمُهُ فِي الظَّاهِرِ تَطْلِيقَتَانِ وَفِي الْبَاطِنِ وَاحِدَةٌ والله أعلم.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ إِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ إِذَا بَقَّى شَيئًا فَإِذَا لَمْ يُبَقِّ شَيئًا فمحال) .
قال الماوردي: أما الاسثناء فَهُوَ ضِدُّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَوْلَاهُ لَكَانَ دَاخِلًا فِيهِ، فَيَكُونُ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيًا وَمِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتًا، فَإِذَا قَالَ: جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute