للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ الْأَمَةَ غَيْرَ وَلَدِهَا فَيَمْنَعَ مِنْهَا وَلَدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ رِيِّهِ أَوْ يَكُونَ وَلَدُهَا يَغْتَذِي بِالطَّعَامِ فَيُقِيمَ بَدَنَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا، فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَنَفَقَتُهُ وَرَضَاعُهُ عَلَى أَبِيهِ دُونَ سَيِّدِ أُمِّهِ، وَلِسَيِّدِهَا أَنْ يَسْتَرْضِعَ لَبَنَهَا مَنْ أَرَادَ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهِا، فَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِ سَيِّدِهَا فَنَفَقَتُهُ وَرَضَاعَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهَا فَنَفَقَتُهُ وَرَضَاعَتُهُ عَلَى سَيِّدِهَا وَأُمُّهُ أَحَقُّ بِرَضَاعِهِ مِنْ غَيْرِهَا لِفَضْلِ حُنُوِّهَا وَاسْتِمْرَاءِ لَبَنِهَا وَإِدْرَارِهِ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهَا، وَلَا يَخْلُو لَبَنُهَا مَعَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ رِيِّهِ وَوَفْقَ كِفَايَتِهِ فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَضَاعِ وَلَدِهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَهَا غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣] .

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ لَبَنُهَا قَاصِرًا عَنْ رِيِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ رَضَاعِهِ وَيُتَمِّمَ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا بِقِيمَةِ رِيِّهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ لَبَنُهَا أَكْثَرَ مِنْ رِيِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ ارْتِضَاعِ رِيِّهِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ فَاضِلَ لَبَنِهَا مَنْ شَاءَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُنْفِقُ عَلَى وَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا وَلَدُهُ مِنْهَا فَهُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ كَسَائِرِ وَلَدِهِ، وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَتَبَعٌ لِأُمِّهِ يُمْنَعُ مَنْ بِيعِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ مَعَ أُمِّهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ بِيعَهُمَا لِجَرَيَانِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِمَا، وَيَمْلِكُ أَكْسَابَهُمَا وَيَسْتَخْدِمُهُمَا للأم دون الولد.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَمْنَعُهُ الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلْ عَلَى أَمَتِهِ خَرَاجًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عَمَلٍ وَاجِبٍ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الْكَسْبَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ " لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقَ وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْسِبَ بِفَرْجِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ هُوَ أَنْ يُخْلِفَ السَّيِّدُ بَيْنَ عَبْدِهِ وَكَسْبِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إِلَى سَيِّدِهِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَيَكُونَ لَهُ فَاضِلُ كَسْبِهِ بِنَفَقَةٍ عَلَى نَفْسِهِ وَيَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَقَدْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

<<  <  ج: ص:  >  >>