للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: اخْتِلَافُ الْحُكْمِ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّدَاخُلِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَقَاءَ الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ مُخَالِفٌ لِبَقَاءِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي الْحُكْمِ ثُمَّ إِذَا اجْتَمَعَا تَدَاخَلَا لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْفِعْلِ وإن اختلفا في الحكم.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " غَيْرَ أَنَّ عَلَى الْقَارِنِ الْهَدْيَ لِقِرَانِهِ وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَى يُتَمِّمَ حَجَّهُ مَعَ إِمَامِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ مَنْ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ لِقِرَانِهِ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ مَعَ إِمَامِهِ يَعْنِي أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي تَحَلَّلَ بَيْنَ حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَأَنَّ الْقَارِنَ يُقِيمُ عَلَى إحرامه حتى ينحل مِنْ حَجِّهِ فَيَكُونُ إِحْلَالُهُ مِنْهُمَا إِحْلَالًا وَاحِدًا، كَمَا كَانَ إِحْرَامُهُ بِهِمَا إِحْرَامًا وَاحِدًا، وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ طوافٌ واحدٌ " ثُمَّ لَا يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ مِنْهُمَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ مَعَ إِمَامِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ، وَإِلَّا فَلَوْ تَحَلَّلَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَطَافَ وَرَمَى وَسَعَى أَجْزَأَهُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِنْ وَقَفَ الْقَارِنُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ كَانَ عَلَى قِرَانِهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَافِضًا لِعُمْرَتِهِ وَقَالَ أبو حنيفة: يَصِيرُ رَافِضًا لِعُمْرَتِهِ وَيَكُونُ مُفْرِدًا اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال لعائشة " ارفضي عمترك وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ " فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْوُقُوفَ رُكْنٌ مِنَ الْحَجِّ فَلَمْ يُوجِبْ رَفْضَ الْعُمْرَةِ كَالْإِحْرَامِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَبْطُلُ بفعل محظور فوجب أن لا تبطل بفعل نسك منها كَالْحَجِّ. فَأَمَّا الْخَبَرُ فَإِنَّمَا أَمَرَهَا فِيهِ بِالْكَفِّ عَنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِدُخُولِهَا فِي الْحَجِّ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَسَعْيُكِ بَيْنَ الصَّفَا والمروة يجزئك لحجك وعمرتك.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْغُدُوِّ إِلَى مِنًى ليوافوا الظهر بمنى فيصلي بهم الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَالصُّبْحَ مِنَ الْغَدِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ خُطَبُ الْحَجِّ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه فعلها أربع:

فالأولى: فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.

وَالثَّانِيَةُ: يَوْمَ التَّاسِعِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.

وَالثَّالِثَةُ: يَوْمَ النحر بمنى بعد صلاة الظهر.

وَالرَّابِعَةُ: يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ بِمِنًى بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَكُونُ جَمِيعُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِلَّا خُطْبَةَ عَرَفَةَ فَإِنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ، فَأَمَّا الْخُطْبَةُ الْأُولَى فَقَدْ روى

<<  <  ج: ص:  >  >>