للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(كتاب الوكالة)]

[(مسألة)]

قال المزني رضي الله عنه: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنستم منهم رشدا} الآية فأمر بحفظ أموالهم حتى يؤنس منهم الرشد وهو عند الشافعي أن يكون بعد البلوغ مصلحا لماله عدلا في دينه وقال تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هو فليملل وليه بالعدل} ووليه عند الشافعي هو القيم بماله (قال المزني) فإذا جاز أن يقوم بماله بتوصية أبيه بذلك إليه وأبوه غير مالك كان أن يقوم فيه بتوكيل مالكه أجوز وقد وكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عقيلا (قال المزني) وذكر عنه أنه قال هذا عَقِيلٌ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا قُضِيَ لَهُ فَلِي (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَلَا أَحْسَبُهُ كَانَ يوكله إلا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَعَلَّهُ عِنْدَ أَبِي بكر رضي الله عنهما ووكل أيضا عنه عبد الله ابن جعفر عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعلي حاضر فقبل ذلك عثمان ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ الْوَكَالَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْوِفَاقُ وَالْعِبْرَةُ فَأَمَّا الْكِتَابُ فَهُوَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الْمُزَنِيُّ مِنَ الْآيَتَيْنِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] .

وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا جَازَ نَظَرُ الْأَوْلِيَاءِ وَنَظَرُهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَوْصِيَةِ أَبٍ أَوْ تَوْلِيَةِ حَاكِمٍ وَهُمَا لَا يَمْلِكَانِ كَانَ تَوْكِيلُ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ أَجْوَزَ.

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} [الكهف: ١٩] فلما أضاف الورق إلى جميعهم رجل لَهُمُ اسْتِنَابَةَ أَحَدِهِمْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَصِحَّةِ الِاسْتِنَابَةِ وَفِي قَوْله تَعَالَى: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: ١٩] ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهَا أَكْثَرُ طَعَامًا وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَحَلُّ طَعَامًا وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>