وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا خَيْرٌ طَعَامًا وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
وَفِي قَوْلِهِ فَلْيَتَلَطَّفْ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: فَلْيَسْتَرْخِصْ.
وَالثَّانِي: وَلِيَتَلَطَّفَ فِي إِخْفَاءِ أَمْرِكُمْ فَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ يُوسُفَ لِلْعَزِيزِ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥] أَيْ وَكِّلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء:] وَالْحَكَمُ وَكِيلٌ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا نَكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ وَإِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ جَائِزَةٌ وَرَوَى شَبِيبُ بْنُ عُرْوَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ وَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ.
وَرَوَى أَبُو الْحَصِينِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَاهَا بِدِينَارٍ وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ فَرَجَعَ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِدِينَارٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَصَدَّقَ بِهِ وَدَعَا لَهُ أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي تِجَارَتِهِ.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ على ترقوته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute