للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَمَّا قِسْمَةُ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ جَازَ قَسْمُهُ إِجْبَارًا وَاخْتِيَارًا وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ.

وَإِنْ كَانَ مَصْنُوعًا أَوَانِيَ أَوْ سُيُوفًا فَإِنِ اخْتَلَفَتْ وَتَفَاضَلَتْ قُسِّمَتِ اخْتِيَارًا وَلَمْ تُقَسَّمْ إِجْبَارًا.

وَإِنْ تَشَابَهَتْ وَتَمَاثَلَتْ فَفِي قَسْمِهَا إِجْبَارًا وَجْهَانِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ.

وَأَمَّا قِسْمَةُ الدَّيْنِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَلَى غَرِيمٍ وَاحِدٍ أَوْ عَلَى غُرَمَاءَ.

فَإِنْ كَانَ عَلَى غَرِيمٍ وَاحِدٍ فَقِسْمَتُهُ فَسْخُ الشَّرِكَةِ فِيهِ.

فَإِذَا فُسِخَتِ انْقَسَمَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ وَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِاقْتِضَائِهِ وَقَبْضِهِ.

وَلَوْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا لَمْ تُفْسَخْ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِيهِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِاقْتِضَائِهِ وَقَبْضِهِ مِنْهُ، وَكَانَ مَا قَبَضَهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ أَنْ قَبَضَهُ عَنْ غَيْرِ إِذْنِهِمْ.

وَإِنْ أَذِنُوا لَهُ فِي قَبْضِ حَقِّهِ مِنْهُ جَازَ، وَكَانَ إِذْنُهُم لَهُ فِي قَبْضِ حَقِّهِ فَسْخًا لِشَرِكَتِهِ.

وَلَا وَجْهَ لِمَنْ خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَالْمُكَاتِبِ إِذَا أَدَّى إِلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَالَ كِتَابَتِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ، لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، بِثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُكَاتِبِ، وَعَدَمِهِ فِي الْغَرِيمِ.

وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى جَمَاعَةِ غُرَمَاءَ، فَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْغُرَمَاءِ، لَمْ يَجُزْ قَسْمُ ذَلِكَ إِجْبَارًا، لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَتَفَاضَلُونَ فِي الذِّمَمِ وَالْيَسَارِ.

وَفِي جَوَازِ قَسْمِهِ اخْتِيَارًا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، إِذَا قِيلَ إِنَّ الْقِسْمَةَ إِفْرَازُ حَقٍّ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ.

وَوَجْهُ صِحَّتِهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَنْ يُحِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَصْحَابِهِ بِحَقِّهِ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَرْهُ، وَيُحِيلُوهُ بِحُقُوقِهِمْ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي اخْتَارَهُ، فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بالحوالة دون القسمة.

( [إِبْرَازُ أَصْلِ الْحَقِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ] )

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا طلبوا أن يقسم دارا فِي أَيْدِيِهِمْ قُلْتُ ثَبَتُوا عَلَى أُصُولِ حُقُوقِكُمْ لِأَنِّي لَوْ قَسَّمْتُهَا بِقَوْلِكُمْ ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَى حَاكِمٍ كَانَ شَبِيهًا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>