للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ وَكَّلَ الْمُرْتَهِنَانِ رَجُلًا يَقْبِضُ حَقَّهُمَا فَأَعْطَاهُ الراهن خمسين وقال هي قضاء ما عَلَيَّ وَلَمْ يَدْفَعْهَا الْوَكِيلُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى قَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إِلَى أَحَدِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَتْ لِلَّذِي أَمْرَهُ بِدَفْعِهَا إِلَيْهِ، فَلَوْ دَفَعَهُ الْوَكِيلُ إِلَيْهِمَا مَعًا فَقَبَضَاهَا ثُمَّ قَالَ هِيَ لِفُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْآخَرِ مَا قَبَضَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ لِغَرِيمِهِ مَالًا وَأَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَرِيمِهِ إِخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ.

[(فصل)]

قال الشافعي فِي الرَّهْنِ الْكَبِيرِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الرِّسَالَةِ فِي الرَّهْنِ: وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ مَتَاعًا فَقَالَ ارْهَنْهُ عِنْدَ فُلَانٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، فَقَالَ الرَّاهِنُ: إِنَّمَا أَمَرْتُ الرَّسُولَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَكَ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ جَاءَنِي فِي رِسَالَتِكَ أَنْ أُسَلِّفَكَ عِشْرِينَ فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا وَكَذَّبَهُ الرَّسُولُ فَالْقَوْلُ قَوْلِ الرسول والمرسل؛ لأنها ينكران دعواه وله إحلاف كل واحد منها.

قال الشافعي: وَلَا أَنْظُرُ إِلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى مَالِكٍ.

قَالَ الشافعي: فَلَوْ صَدَّقَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: قَبَضْتُ مِنْكَ عِشْرِينَ وَدَفَعْتُهَا إِلَى الْمُرْسِلِ وَكَذَّبَهُ الْمُرْسِلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْسِلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَانَ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَالرَّسُولُ ضَامِنٌ لِلْعَشَرَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا الزَّائِدَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ الْمَأْمُورِ بِقَبْضِهَا.

(فَصْلٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ الرِّسَالَةِ فِي الرَّهْنِ: وَلَوِ اختلف الرسول والمرسل فقال المرسل أمرتك أَنْ تَسْتَلِفَ مِنْهُ عَشَرَةً بِغَيْرِ رَهْنٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْسِلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ دَعْوَى غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عليه؛ ولأن ضمانه على الرسول من الْعَشَرَةِ، لِأَنَّ الْمُرْسِلَ قَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ قَالَ الْمُرْسِلُ أَمَرْتُكَ بِأَنْ تَأْخُذَ عَشَرَةً عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ، وَقَالَ الرَّسُولُ بَلْ على ثوبك منها، أو عبد غير العبد الَّذِي قَالَهُ الْمُرْسِلُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ، وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَلَا رَهْنَ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُرْسِلُ، وَلَا فِيمَا رَهَنَ الرَّسُولُ، إِلَّا أَنْ يُجَدِّدَ فِيهِ رَهْنًا، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ما رهنه الرَّسُولُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُرْسِلُ، وَمَا أَذِنَ فِيهِ الْمُرْسِلُ لَمْ يَرْهَنْهُ الرَّسُولُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: ولو أقام المرتهن يسأل الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَهْنِ الْعَبْدِ دُونَ الثَّوْبِ، وَأَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ رَهْنِ الثَّوْبِ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ، وَجَعَلْتُ مَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ رهنا، والبينتان ههنا يمكن أن تكونا صادقتين؛ لأنه قد بينها عَنْ رَهْنِهِ بَعْدَ مَا يَأْذَنُ فِيهِ وَيَرْهَنُ ولا يَنْفَسِخُ ذَلِكَ الرَّهْنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَ عَبْدَهُ رَجُلَيْنِ وَأَقَرَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهما

<<  <  ج: ص:  >  >>