للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ كَلَّمَتْ زَيْدًا وَهِيَ نَائِمَةٌ، لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ كَلَامَ النَّائِمِ هَذَيَانٌ، وَهَكَذَا لَوْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ فَلَا حِنْثَ عَلَيْها، أَوْ فِي إِغْمَاءٍ قَدْ أَطْبَقَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهَا فِي الْعُرْفِ كَلَامًا وَلَوْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَانَةٌ لَا تَعْقِلُ، فَإِنْ كَانَ سُكْرُ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لَمْ يَحْنَثْ كَالْإِغْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ سُكْرُ مَعْصِيَةٍ حَنِثَ، لِأَنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ وَاقِعٌ، كَطَلَاقِ الصَّاحِي، وَإِنْ خَرَجَ قَوْلٌ آخَرُ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لم يحنث ها هنا، وَلَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً حَنِثَ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ، وَعِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلَوْ كَلَّمَتْهُ مُكْرَهَةً كَانَ فِي حِنْثِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَغْدَادِيِّينَ قَوْلَانِ وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ مَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى تَخْرِيجِ الْقَوْلَيْنِ ها هنا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُقْصَدُ مِنَ الْكَلَامِ لَيْسَ بِكَلَامٍ، فَجَرَى مَجْرَى هَذَيَانِ النَّائِمِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ إِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ، انْحَلَّتْ يَمِينُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ بقولها، إن بدأتك بكلام فَعَبْدِي حُرٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَادِئًا لَهَا بِالْكَلَامِ، فَإِنْ بَدْأَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ انْحَلَّتْ يَمِينُ الزَّوْجَةِ وَلَمْ يَحْنَثِ الزَّوْجُ، لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِمَا بَدَأَهَا الزَّوْجُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ، أَنْ تَكُونَ بَادِئَةً لَهُ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ بَدَأَتْهُ بِالْكَلَامِ حَنِثَ وَعَتَقَ عَبْدُهَا.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إِنْ أَمَرْتُكِ بِأَمْرٍ فَخَالَفْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا؛ إِنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَانَ فِي طَلَاقِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ طُلِّقَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُطَلَّقُ، لِأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْعُرْفِ مَا أَمْكَنَ إِجَابَةَ الْمَأْمُورِ إِلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ.

(فَصْلٌ:)

فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ بصفة وبين اليمين بالطلاق.

والطلاق بالعقد أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطٍ لَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا طَلَعْتِ الشَّمْسُ أَوْ إِذَا دَخَلَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ إِذَا قَدِمَ الْحَاجُّ، أَوْ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ، أَوْ إِذَا نَعَبَ الْغُرَابُ أَوْ إِذَا حَضْتِ، أَوْ إِنْ وَلَدْتِ، أَوْ إِنْ شِئْتِ، فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا شَاكَلَهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِصِفَةٍ فَإِذَا قَالَ؛ إِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا؛ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مُطَلِّقٌ بِصِفَةٍ وَلَيْسَ بِحَالِفٍ بِالطَّلَاقِ.

وَأَمَّا الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَهُوَ مَا مَنَعَ بِهَا مِنْ فِعَالٍ، وَحَثَّ بِهَا عَلَى فِعْلٍ، أَوْ قَصَدَ تَصْدِيقَ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى شَيْءٍ، فَالَّتِي يَمْنَعُ بِهَا مِنْ فِعْلٍ، أَنْ يَقُولَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>