وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِيهِ لِمَا أَدْخَلَ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ حَتَّى يُخْرِجَ شَاةً كَامِلَةً.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ بَاقِي الشَّاتَيْنِ مِلْكًا لِلْفُقَرَاءِ أَجْزَأَهُ لِارْتِفَاعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِمْ لَمْ يُجْزِ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ.
[(مسألة:)]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَصَامَ شَهْرَيْنِ عَنْ إِحْدَاهُمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْهُمَا أَجْزَأَهُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ فَإِنَّهُمَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ فَلَهُ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ فِيهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى عِتْقِ رَقَبَتَيْنِ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُمَا عَلَى مَا مَضَى مِنْ حُكْمِ عِتْقِهِ لَهُمَا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فِيهِمَا بِأَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا يَخْلُو حَالُ صَوْمِهِ فِيهِمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنْوِيَ صوم شهرين متتابعين عن إحدى الكفارتين بعينها ويصوم شهرين آخرين عن الكفارة الأخرى بعينها فهذا يجزئه وقد أكد ذك بِالتَّعْيِينِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ لَا يُعَيِّنُهَا وَيَصُومَ شَهْرَيْنِ عَنِ الْأُخْرَى لَا يُعَيِّنُهَا فَهَذَا يُجْزِيهِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِأَنَّ التَّعْيِينَ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَمْ يَلْزَمْ كَمَا أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ لَا يَلْزَمُ فِيهَا تَعْيِينُ الْحَدَثِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يترك الصوم على إبهامه أو بعينه وَسَوَاءً كَانَتِ الْكَفَّارَتَانِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا خَالَفَ فِي الْعِتْقِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْرُدَ صَوْمَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ عَنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَهَذَا يُجْزِيهِ وَقَدْ زَادَ بِأَنَّهُ تَابَعَ بَيْنَ صَوْمِ الْكَفَّارَتَيْنِ وَيَكُونُ شَهْرَانِ مُتَوَالِيَانِ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَشَهْرَانِ مُتَوَالِيَانِ عَنِ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ عَنِ الْكَفَّارَتَيْنِ وَشَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ عَنِ الْكَفَّارَتَيْنِ فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْكَفَّارَتَيْنِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ تَتَابُعَ الشَّهْرَيْنِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَحَقٌّ وَقَدْ صَارَ بِالتَّبْعِيضِ مُفَرِّقًا.
وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ فِي إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَمِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعِتْقِ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ شَاءَ سَوَاءً بَدَأَ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ مِنْهُمَا أَوْ فِيمَا تَأَخَّرَ، ثُمَّ يَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرَيْنِ