للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الرَّابِعُ

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَدْ نَقَصَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِيضَاحُ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ

أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ مُتَمَيِّزًا كَعَبْدَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ صُبْرَةِ طَعَامٍ تَلِفَ بَعْضُهَا، فَلَا يَخْلُو حَالُ الطَّلَاقِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بعد الدخول أو قبله.

فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَتْ بِهِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، وَقَدْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَيَنْبَنِي جَوَابُهُ عَلَى مَا نَقُولُهُ فِي الرُّجُوعِ بِبَدَلِ التَّالِفِ وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْقَدِيمُ: إِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا تَلِفَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَبْطُلُ الصداق في التالف ولا في الباقين وَتَرْجِعُ بِعَيْنِ مَا بَقِيَ وَبِقِيمَةِ التَّالِفِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَبِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، وَلَا خِيَارَ لَهَا فِي مُقَامٍ وَلَا فَسْخٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْجَدِيدُ: إِنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ التَّلَفِ يَكُونُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. فَعَلَى هَذَا قَدْ بَطَلَ الصَّدَاقُ فِيمَا تَلِفَ، وَصَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا سَلِمَ. فَلَا وَجْهَ لِمَنْ خَرَّجَ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلًا ثَانِيًا مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي السَّالِمِ لِبُطْلَانِهِ فِي التَّالِفِ، لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَفَرَّقْ فِي حَالِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالزَّوْجَةُ بِالْخِيَارِ لِأَجْلِ مَا تَلِفَ بَيْنَ أَنْ تُقِيمَ عَلَى الْبَاقِي أَوْ تَفْسَخَ، فَإِنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَعَادَ الْبَاقِي مِنَ الصَّدَاقِ إِلَى مِلْكِ الزَّوْجِ.

وَإِنْ أَقَامَتْ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تُقِيمُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنَ الصَّدَاقِ، وَقِسْطِهِ، وَتَرْجِعُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.

فَإِنْ كَانَ التَّالِفُ النِّصْفَ رَجَعَتْ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ رَجَعَتْ بِثُلُثَيْهِ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْ خَرَّجَ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلًا ثَانِيًا إِنَّهَا تُقِيمُ عَلَى الْبَاقِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ اعْتِبَارًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي حَالِ الْعَقْدِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ.

وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَمَاثِلَ الْأَجْزَاءِ كَالْحِنْطَةِ، فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنَ الْبَاقِي نِصْفَ الْجَمِيعِ وَلَا خِيَارَ لَهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفَ الْأَجْزَاءِ كَعَبْدَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ جَمِيعِ الْعَبْدِ الْبَاقِي إِذَا تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا، فَعَلَى هَذَا لَا خِيَارَ لَهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي، وَفِيمَا تَرْجِعُ بِبَدَلِهِ مِنْ نِصْفِ التَّالِفِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَرْجِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ التَّالِفِ وَهُوَ الْقَدِيمُ فَعَلَى هَذَا لَا خِيَارَ لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>