تَعَارَضَتْ وَيُحْكَمُ بِهِ لِمَنْ قَرَعَ مِنْهُمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَعَارُضَ الْبَيِّنَاتِ، يُوجِبُ اسْتِعْمَالَهَا بِالْقِسْمَةِ دُونَ الْقُرْعَةِ، فَعَلَى هَذَا يُقَسَّمُ الثُّلُثَيْنِ بَعْدَ الثُّلُثِ الْخَالِصِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ تَعَارَضَتْ فِيهِمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، هِيَ مَضْرُوبُ ثَلَاثَةٍ فِي سِتَّةٍ فِي اثْنَيْنِ، وَتَرَتَّبَتِ الْقِسْمَةُ فِيهِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ، كَمَا تَرَتَّبَتِ الْقُرْعَةُ فِيهِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ:
فَالرُّتْبَةُ الْأَوْلَى: قِسْمَةُ السُّدُسِ الَّذِي بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ سِتَّةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، تُقَسَّمُ بَيْنَ صَاحِبِ الْكُلِّ، وَصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَتْ فِيهِ بَيِّنَتَاهُمَا، وَلَمْ تَتَعَارَضْ فِيهِ بَيِّنَةُ غَيْرِهِمَا، فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَقَدْ صَارَ إِلَى صَاحِبِ الْكُلِّ بِالثُّلُثِ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا، فَإِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، صَارَ لَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، ثُمَّ يُقَسَّمُ السُّدُسُ الَّذِي بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ أَثْلَاثًا بَيْنَ صَاحِبِ الْكُلِّ، وَصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ، وَصَاحِبِ النِّصْفِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَتْ فِيهِ بَيِّنَاتُهُمْ، وَلَمْ تَتَعَارَضْ فِيهِ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الثُّلُثِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ سَهْمَانِ مِنَ السِّتَّةِ فَإِذَا ضَمَّهَا صَاحِبُ الْكُلِّ إِلَى مَا حَصَلَ لَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا، صَارَ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَإِذَا ضَمَّهَا صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ إِلَى مَا حَصَلَ لَهُ فِي الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ صَارَ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِصَاحِبِ النِّصْفِ إِلَّا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ.
وَالرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: قَسْمُ الثُّلُثِ الْبَاقِي، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ تَعَارُضُ بَيِّنَاتِهِمْ كُلِّهِمْ، فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِذَا ضَمَّهَا صَاحِبُ الْكُلِّ إِلَى مَا صَارَ لَهُ، وَهُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، صَارَ لَهُ عِشْرُونَ سَهْمًا، وَإِذَا ضَمَّهَا صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ إِلَى مَا صَارَ لَهُ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ صَارَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ. وَإِذَا ضَمَّهَا صَاحِبُ النِّصْفِ إِلَى مَا صَارَ لَهُ، وَهُوَ سَهْمَانِ صَارَ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَيَنْفَرِدُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، فَإِذَا جُمِعَتْ سِهَامُهُمْ، وَهِيَ عِشْرُونَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الْكُلِّ، وَثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ، وَخَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اسْتَوْعَبَتْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ، وَقُسِّمَتْ عَلَيْهَا الدَّارَ بَيْنَهُمْ.
(فَصْلٌ)
: وَإِذَا تَنَازَعَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو دَارًا فِي يَدِ زَيْدٍ فَأَقَامَ عَمْرٌو الْبَيِّنَةَ، أَنَّ الدَّارَ لَهُ انْتُزِعَتْ مِنْهُ الدَّارُ، وَسُلِّمَتْ إِلَى عَمْرٍو، فَإِنْ عَادَ زَيْدٌ بَعْدَ انْتِزَاعِ الدَّارِ مِنْ يَدِهِ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ مِلْكَهُ، حُكْمَ لَهُ بِالدَّارِ، وَأُعِيدَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَالِ يَدٌ، لِأَنَّ زَوَالَ يَدِهِ بَيِّنَةُ خَارِجٍ عُرِفَ سَبَبُ زَوَالِهَِا، وَصَارَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ مَعَ يَدِهِ، وَهِيَ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ فَقَضَى بِهَا عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute