وكانت دار بين شريكين فوكل أحدهما شريكه أن يبيع نِصْفَ حِصَّتِهِ مَعَ نِصْفِ حِصَّةِ نَفْسِهِ، فَبَاعَ الوكيل نصف الدار صفقة ربعها لنفسها، وَرُبُعَهَا لِمُوكِلِهِ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ مَا بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَهُوَ الرُّبْعُ، وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ مَا بَاعَهُ وَكِيلُهُ، وَلَيْسَ لِشَرِيكٍ ثَالِثٍ إِنْ كَانَ أَنْ يُفَرِّقَ الصَّفْقَةَ بِشُفْعَتِهِ فَيَأْخُذَ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْبَائِعَ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْكُلَّ بِشُفْعَتِكَ أَوْ تَذَرَ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا وَلِيُّ الْيَتِيمِ ووصي الميت إذا باعه الولاية مَا هُمَا شَفِيعَانِ فِيهِ فَفِي شُفْعَتِهِمَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشُّفْعَةَ لَهُمَا فِيهِ كَالْوَكِيلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ لَا شُفْعَةَ لَهُمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَنُوبُ عَنْ حَيٍّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ.
: فَإِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِلْعَامِلِ فِيهِ حِصَّةٌ بِقَدِيمِ مِلْكٍ وَلِرَبِّ الْمَالِ فِيهَا حِصَّةٌ بِقَدِيمِ مِلْكٍ، فَلِلْعَامِلِ، وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَا الْحِصَّةَ الْمُشْتَرَاةَ فِي الْقِرَاضِ بِشُفْعَتِهِمَا لِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يَتَمَيَّزُ عَنْ أَمْوَالِهِمَا. فَإِنْ عَفَوَا عَنْهَا ثُمَّ اشْتَرَى الْعَامِلُ مِنَ الدَّارِ حِصَّةً ثَانِيَةً فَشُفْعَتُهُ الثَّانِيَةُ أَثْلَاثًا: ثُلُثُهَا لِرَبِّ الْمَالِ، وَثُلُثُهَا لِلْعَامِلِ، وَثُلُثُهَا فِي الْقِرَاضِ. فَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حِصَّةٌ رَابِعَةٌ لِأَجْنَبِيٍّ؛ كَانَ لَهُ ثُلُثُ الشُّفْعَةِ؛ وَلِأَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يَكُونُ الثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ثُلُثٍ لِرَبِّ الْمَالِ، وَثُلُثٍ لِلْعَامِلِ، وَثُلُثٍ فِي الْقِرَاضِ. فَتَتَمَيَّزُ شُفْعَةُ الْحِصَّةِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ، ثَلَاثَةٌ مِنْهَا وَهِيَ الثُّلُثُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالسِّتَّةُ الْبَاقِيَةُ أَثْلَاثًا كُلُّ ثُلُثٍ مِنْهَا سَهْمَانِ لِمَا ذكرنا.
[مسألة]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا هدمٌ مِنَ السَّمَاءِ إِمَّا أَخَذَ الْكُلَّ بِالثَّمَنِ وَإِمَّا تَرَكَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَانْهَدَمَتْ بِجَائِحَةٍ أَوْ جناية، أو سقصاً مِنْ أَرْضٍ فَأَخَذَ السَّيْلُ بَعْضَهَا فَالَّذِي نَقَلَهُ المزني ها هنا وَقَالَهُ فِي الْقَدِيمِ وَفِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ: إِنَّ الشَّفِيعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ هَذَيْنِ النَّقْلَيْنِ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي حَفْصِ بْنِ الْوَكِيلِ: إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لِاخْتِلَافِ النَّقْلِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ إِذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute