للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلُهُ أَنَّ مَنْ يَدْخُلُ فِي نَافِلَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا خَطَأٌ

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ سَعِيدٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظُّهْرَ فَسَهَا فَصَلَّاهَا خَمْسًا فَقِيلَ يَا رَسُولَ الله أزيد من الصَّلَاةِ قَالَ: وَمَا ذَاكَ فَقَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ " وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّلَامِ

وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنْ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَسْوَسَ الْقَوْمُ فَقَالَ مَا بَالُكُمْ فَقَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ سجدتي السهو وقال: " إنما أن بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ "، فَلَا يَخْلُو حَالُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ أَنْ يَكُونَ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ، أَوْ لَمْ يَقْعُدْ فَإِنْ كَانَ قَعَدَ فَلَمْ يُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى كَمَا قَالَ أبو حنيفة: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَ أبو حنيفة، فَإِنْ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعَادَ صَلَاتَهُ

فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الْإِعَادَةُ، وَلَوْ أَعَادَهَا لَأَمَرَ مَنْ خَلْفَهُ بِالْإِعَادَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً لَمْ يَسْجُدْ لَهَا سُجُودَ السَّهْوِ، لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يَجْبُرُ الصَّلَاةَ الْبَاطِلَةَ فَإِنْ قَالُوا فَيَجُوزُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الْخَامِسَةِ قَبْلَ سُجُودِهِ فِيهَا قِيلَ: هَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَانْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ سُجُودِهِ وَسَلَامِهِ

وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَكَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُكُمْ، وَكَلَّمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ السُّجُودِ، وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جِنْسِهَا عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُبْطِلَهَا

أَصْلُهُ إِذَا ذَكَرَ سَهْوَهُ قَبْلَ سُجُودِهِ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَعْدَادِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ سَهْوُهُ الصَّلَاةَ كَمَنْ سَجَدَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ، أَوْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ بِنَائِهِ عَلَى أَصْلِهِ فَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ فِي الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ صحة صلاته وأن يَعُودُ فِي الرَّابِعَةِ إِلَى جُلُوسِهِ لَمْ تَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فَإِنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي الرَّابِعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أن يتشهد ويسجد سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَيسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ فَفِي وُجُوبِ إِعَادَةِ التَّشَهُّدِ بَعْدَ جُلُوسِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ عَلَيْهِ إِعَادَةُ التَّشَهُّدِ ثُمَّ سُجُودُ السَّهْوِ ثُمَّ السَّلَامُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا السَّلَامِ أَنْ يَتَعَقَّبَ أَمْرَيْنِ: الْقُعُودُ، وَالتَّشَهُّدُ، فَلَمَّا لَزِمَهُ إِعَادَةُ الْقُعُودِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِهِ لَزِمَهُ إِعَادَةُ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>