للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُبَاعَ فِي الرَّهْنِ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ إِمَّا لِكَوْنِ الرَّاهِنِ مُعْسِرًا وَإِمَّا لِيَصِيرَ بِهِ مُوسِرًا فَإِذَا بِيعَ وَقَضَى بِهِ الْحَقَّ الْمَرْهُونَ فِيهِ، كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ إِنْ جَرَى مَجْرَى الْعَارِيَةِ فَالْعَارِيَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى مُسْتَعِيرِهَا وَإِنْ جَرَى مَجْرَى الضَّمَانِ فَالضَّامِنُ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِمَا أَدَّى، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو حَالُ مَا بِيعَ بِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: -

أَحَدُهَا: أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ.

فَإِنْ بِيعَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَيُبَاعُ بِأَلْفٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَلْفٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا. لِأَنَّهُ إِنْ جَرَى مَجْرَى الْعَارِيَةِ فَالْعَارِيَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ أَلْفٌ وَإِنْ جَرَى مَجْرَى الضَّمَانِ فَالضَّامِنُ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِمَا أَدَّى وَهُوَ أَلْفٌ.

فَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِأَلْفٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا، وَإِنْ بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَيُبَاعُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَفِيمَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيُرْجَعُ به على المالك المغير قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِأَلْفٍ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْعَارِيَةِ، لِأَنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا.

وَالْقَوْلُ الثاني: أنه يستحق الرجوع بألف ومائة وإذا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الضَّمَانِ، لِأَنَّ الْمَضْمُونَ عَنْهُ يَضْمَنُ الْقَدْرَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ.

وَإِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَيُبَاعُ بِتِسْعِمِائَةٍ فَفِي قَدْرِ مَا يَضْمَنُهُ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيَسْتَحِقُّ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ الْمَالِكُ المعير قولان:

أحدهما: أنه يستحق الرجوع بألف إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْعَارِيَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ وَهِيَ أَلْفٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِتِسْعِمِائَةٍ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ عَنْهُ يَضْمَنُ الْقَدْرَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ وَلَوْ بَقِيَ لِلْمُرْتَهِنِ بَقِيَّةٌ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنِ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْمُعِيرِ سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْعَارِيَةِ أَوْ مَجْرَى الضَّمَانِ لِأَنَّهُ إِنْ جَرَى مَجْرَى الْعَارِيَةِ فَالْمُعِيرُ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ، وَإِنْ جَرَى مَجْرَى الضَّمَانِ فَهُوَ إِنَّمَا يَضْمَنُ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ فِيمَا ضَاقَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>