للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ قَتْلَهُمْ قَبْلَ دُعَائِهِمْ ثَبَتَ حَقْنُ دِمَائِهِمْ وَوَجَبَ ضَمَانُ نُفُوسِهِمْ كَأَهْلِ الْعَهْدِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ تَأْتِي فِي كِتَابِ السِّيَرِ مُسْتَوْفَاةً، فَإِذَا تَقَرَّرَ ضَمَانُ دِيَاتِهِمْ فَفِيهَا وَجْهَانِ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَطْلَقَهَا فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ مَوْلُودٌ عَلَى الْفِطْرَةِ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ مُعَانَدَةٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَدِيَةِ الْمَجُوسِ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّهَا يَقِينٌ مَعَ الْأَصْلِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَجِرَاحُهُمْ عَلَى قَدْرِ دِيَاتِهِمْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مُعْتَبَرٌ بِدِيَةِ النَّفْسِ، فَيَكُونُ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ، وَفِي هَاشِمَتِهِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، وَفِي مَأْمُومَتِهِ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَتُسْعٌ، وَفِي إِصْبَعِهِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ، وَفِي أنملته بعير وتسع، وفي موضحة المجوس ثُلُثُ بَعِيرٍ، وَفِي هَاشِمَتِهِ ثُلُثَا بَعِيرٍ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ بَعِيرٌ، وَفِي إِصْبَعِهِ ثُلُثُ بَعِيرٍ، وَفِي أُنْمُلَتِهِ تُسْعَا بَعِيرٍ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا فِيمَا زاد ونقص.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَالْمَرْأَةُ مِنْهُمْ وَجِرَاحُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرجل فيما قل أو كثر واحتج في ديات أهل الكفر بأن الله تعالى فرق ثم رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين المؤمنين والكافرين فجعل الكفار متى قدر عليهم المؤمنون صنفاً منهم يعبدون وتؤخذ أموالهم لا يقبل منهم غير ذلك وصنفاً يصنع ذلك بهم إلا أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فلا يجوز أن يجعل من كان خولاً للمسلمين في حال أو خولاً بكل حال إلا أن يعطوا الجزية كالعبد المخارج في بعض حالاته كفيئاً لمسلم في دم ولا دية ولا يبلغ بدية كافر دية مؤمن إلا ما لا خلاف فيه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي نَفْسِهَا وَأَطْرَافِهَا وَجِرَاحِهَا عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ كَانَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ فِي نَفْسِهَا وَأَطْرَافِهَا وَجِرَاحِهَا عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ، فَيَجِبُ فِي مُوضِحَةِ الْيَهُودِيَّةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ، وَفِي هَاشِمَتِهَا بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ، وَفِي مُوضِحَةِ الْمَجُوسِيَّةِ سُدُسُ بَعِيرٍ، وَفِي هَاشِمَتِهَا ثُلُثُ بَعِيرٍ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَبِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَقُولُ جِرَاحُ الْعَبْدِ مِنْ ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَقِيمَتُهُ مَا كَانَتْ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>