كَإِحْدَى الْيَدَيْنِ حَلَفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَإِذَا كَانَ فِيهِ ثُلُثِ الدِّيَةِ كَالْمَأْمُومَةِ، وَالْجَائِفَةِ، حَلَفَ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُشْرُ الدِّيَةِ، كَالْأُصْبُعِ حَلَفَ خَمْسَةَ أَيْمَانٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نِصْفُ الْعَشْرِ كَالْمُوَضِّحَةِ حَلَفَ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا حَلَفَهَا، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ هَذَا الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يُقَسِّطُ هَذَا الْعَدَدَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ بِجَبْرِ الْكَسْرِ، فَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ، رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَكَانَتْ عَدَدُ أَيْمَانِهِ مِثْلَ عَدَدِ أَيْمَانِهِمْ عَلَى الْأَقَاوِيلِ.
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْأَيْمَانِ مُعْتَبَرًا بِالتَّبْدِئَةِ فَإِنْ حُكِمَ بِتَبْدِئَةِ الْمُدَّعِي لِوُجُودِ اللَّوْثِ، غُلِّظَتِ الْأَيْمَانُ بِالْعَدَدِ وَإِنْ سَقَطَتِ التَّبْدِئَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي سَقَطَتْ عَدَدُ الْأَيْمَانِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ فِي كَلَامِهِ مَسْأَلَةً حَكَاهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ فَقَالَ " وَلَا قَسَامَةَ، بِدَعْوَى مَيِّتٍ " يُرِيدُ بِهِ إِنَّ الْمَقْتُولَ إِذَا قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ، قَتَلَنِي فُلَانٌ فَلَا قَسَامَةَ لِوَارِثِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ لَوْثًا لَهُ، رَدًا عَلَى مَالِكٍ حَيْثُ جَعَلَهُ لَوْثًا وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ.
فَأَمَّا عَدَدُ الْأَيْمَانِ فِيهِ فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي عَدَدِهَا، مَعَ عَدَمِ اللَّوْثِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُزَنِيِّ فِي إِيرَادِهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ، مِنْ سقوط العدد.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالنُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ كَهِيَ فِي الْمَالِ إِلَّا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ ضَعِيفَةٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَفَالَةِ النُّفُوسِ، قَدْ مَضَتْ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ مُسْتَوْفَاةٌ، وأعادها المزني هاهنا لأمرين:
أحدهما: بصحة الدَّعْوَى بِصِحَّتِهَا، وَفَسَادُ دَعْوَاهَا بِفَسَادِهَا.
وَالثَّانِي: لِوُجُوبِ الْيَمِينِ فِي إِنْكَارِهَا إِذَا صَحَّتْ، وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ، إِنَّ كَفَالَةَ النُّفُوسِ صَحِيحَةٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: ٦٦] يَعْنِي كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهَا الصَّدْرَ الْأَوَّلَ، وَلِأَنَّ فِيهَا رِفْقًا بَالنَّاسِ، وَتَعَاوُنًا عَلَى الصِّيَانَةِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا: " إِلَّا أَنَّ الْكَفَالَةَ فِي النَّفْسِ ضَعِيفَةٌ ".
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُرَادِهِ بِضَعْفِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ، أَرَادَ بِهِ بُطْلَانَهَا.