للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزَّوْجِ ثُمَّ يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ بَعْدُ وَلَا يَكُونُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعِدَّةِ نَائِبًا عَنْهَا وَعَنِ الِاسْتِبْرَاءِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي السَّبَبِ وَالْحُكْمِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنِ الْبُضْعِ وَالِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ لحدوث الملك للرقية مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْقَدْرِ فَلَمْ يَجُزْ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَتَدَاخَلَا. وَكَذَا لَوْ أَنَّ السَّيِّدَ زَوْجُ أَمَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَعَلَى السَّيِّدِ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ طَلَاقِ الزَّوْجِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحْدَثَ إِبَاحَةَ بعضها بِالْمِلْكِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَى السَّيِّدِ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ فِرَاقِ الزَّوْجِ ثُمَّ الِاسْتِبْرَاءُ لِاسْتِمْتَاعِ السَّيِّدِ وَلَا تَنُوبُ الْعِدَّةُ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا لَا يَنُوبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَنِ الْعِدَّةِ. وَلَوْ كَاتَبَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بِالْعَجْزِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ قَدْ حُرِمَّتْ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ لَوْ أَجَّرَهَا أَوْ رَهَنَهَا ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ بِالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ فَلَوْ أَنَّ رَجَلًا بَاعَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى تَفَاسَخَا الْبَيْعَ بِعَيْبٍ أَوْ إِقَالَةٍ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ بِالْبَيْعِ ثُمَّ اسْتَحْدَثَهُ بِالْفَسْخِ. وَلَكِنْ لَوْ تَفَاسَخَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الثَّلَاثِ كَانَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلَانِ مِنَ اخْتِلَافِ أَقَاوِيلِهِ في انتقال الملك.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِعُهْدَةٍ ولا بوجه وإنما التحفظ قبل الشراء ".

قال الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا اشْتَرَى أَمَةً لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِضَامِنٍ مِنْ عُهْدَةٍ أَوْ كَفِيلٍ بِنَفْسٍ خَوْفًا مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْأَمَةِ وَأَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ غَرِيبًا أَمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ غَرِيبًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِكَفِيلٍ بِنَفْسٍ أَوْ ضَمِينٍ لِعَهْدِهِ اسْتِيثَاقًا لَحِقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ كَفِيلًا أَوْ ضَامِنًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إِنْ شَاءَ. وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ سَلَامَتُهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْدِلَ عَنِ الظَّاهِرِ بِالظَّنِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَشْتَرِطَ كَفِيلًا أَوْ ضَامِنًا فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ اسْتِدْرَاكَ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. أَلَا تَرَى لَوْ بَاعَ عَلَى غَرِيبٍ شَيْئًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِضَامِنٍ لِلثَّمَنِ لِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَفِيلًا بِعُهْدَةٍ يُرِيدُ ضَمَانَ الدَّرْكِ. وَقَوْلُهُ وَلَا بِوَجْهٍ يُرِيدُ كَفَالَةَ النَّفْسِ وَإِنَّمَا التَّحَفُّظُ قَبْلَ الشِّرَاءِ يُرِيدُ إِذَا شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>